في البلاد العربية نهضة شريفة ستكون مقدمة من مقدمات الإصلاح في الشرق، وخطوة
واسعة في ميدان الارتقاء، بل هي إحدى طوالع الحركة الفكرية. وسوف تلعب دوراً يخلد لها حسن الذكر على صفحات الإنسانية البيضاء. ولكن لم يشترك في هذه النهضة إلا أفراد قليلون وهناك الكثيرون ذهب الجهل الذميم بعقولهم، وختم على قلوبهم، وأضلهم عن النهج السوي، وما هم إلا ليعيثوا فساداً والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون.
. . . كأني برحالة الفرنجة إذا أم بلادنا، ورأى الخمول نافضاً غباره على أحيائنا، يقول متمثلاً بحليم مصر وهو ذاهب إلى السودان ليشغل إحدى وظائف الجيش فيه:
تيممت أرضا تدب الجهالة ... فيها دبيب الصبا في الروابي
إذا حدّث القوم فيها أديب ... يخالونه أعجمي الخطاب
أي عاقل لا يسمع هذه المجازفة - وهي الحقيقة - ولا يرثي لحالة قطر يضيق بأهليه، وينفّر زائريه؟
* * *
قيل للفيلسوف: ممن تعلمت الأدب؟ قال من قليل الأدب، وهو قول مأثور سبقنا إلى إدراكه الغرب يوم كبا فرسنا في ميدان السعي والعهد ليس ببعيد، فما أحرانا باليقظة اليوم، بعد عميق رقودنا، فنمحو إهانة لحقت بنا، ووصمة وسمنا بها، ولا غضاضة علينا إذا اعترفنا بقول