هو أبو فخر الضحاك بن قيس التميمي الأحنف. وكان قد شهد مع علي بن أبي طالب وقعةً بصفين. فلما استقر الأمر لمعاوية دخل عليه الأحنف يوماً فقال له معاوية: والله يا أحنف، ما أذكرُ يوم صفين إلاّ كانت حزازةٌ في قلبي إلى يوم القيامة.
فقال له الأحنف: والله يا معاوية، إن القلوب التي أبغضناك بها لفي صدورنا. وإن السيوف التي قاتلناك بها لفي أغمادها. وإن تدن من الحرب فترا ندنُ منك شبراً. وإن تمشِ إلينا نهرول إليك.
ثم قام وخرج
وكانت أخت معاوية من وراء حجابٍ تسمع كلامهُ. فقالت: يا أمير المؤمنين من هذا الذي يتهدد ويتوعدُ. فقال: هذا الذي إذا غضب غضب لغضبه مئة ألف من بني تميم ولا يدرون لما غضب.
وأخبر النويري عنه قال: كان معاوية قد كتب إلى عماله أن يوفدوا إليه الوفود من الأمصار. فكان فيمن أتاه محمد بن عمرو بن حزم من المدينة، والأحنف بن قيس في وفد أهل البصرة. ثم أن معاوية قال للضحاك بن قيس الفيهري:
لما تجتمع الوفود إني متكلمٌ فإذا سكتُ، فكن أنت الذي تدعو إلى بيعة يزيد ولد معاوية وتحض عليها. فلما جلس معاوية للناس، تكلم فعظم أمر الإسلام وحرمة الخلافة وحقها، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال الضحاك: يا أمير المؤمنين، أنه لابدّ للناس من والٍ بعدك فذلك أحقن للدماء، وأصلح للدهماء،