ما خلوت إلى نفسي أناجيها، إلا وأدعم بالأصابع رأساً أثقله الغم، وألفه الهم،
ولو كان هم واحد لاحتملته ... ولكنه هم وثانٍ وثالث
وما قبضت على اليراع إلا وأحنيت على القرطاس ظهر من عجمت عوده الطوائح، فغادرته بين صبية يتضورون جوعاً، وبنيات يقضين فجوعا
فذا حظي من الدنيا ... فدعني لا تزد غما
في الغرب قوم إذا ضل أهلوه شرعوهم، وإن ظلمت حكامهم صرموهم، ينهضونه إذا قعد، ويقعدونه إذا نهض، لا خيل عندهم ولا سلاح إلا أقلام مذلقة إذا امتطوا صهواتها ومروا بها على القراطيس كان لها صرير ردد صداه المغربان، وضج لدويه المشرقان، وهي إذا غمزت الدواة، وأصابت منها المداد، حقنت دماء، وهدرت دماء، فهي جامعة الضدين، وموفقة النقيضين، هي الحرب والسلام، والخوف والأمان، واللين والقسوة، والحق والقوة، لا تخاف في الحق لومة لائم، ولا تلبس الحق بالباطل، جالت الجولة إثر الجولة، فرأيناها في كل عصر ودولة، تتمخض لتلد الحرية والاستقلال، وهما التوأمان العزيزان.
أما الآن فقد أينعت أزهارها، ونضجت أثمارها، وغدا ترابها تبراً،