تقتطف الصفحات التالية من كتاب في تاريخ مصر القديم والحديث لحضرة الكاتبة الفاضلة السيدة هند كريمة سعادة اسكندر عمون بك المحامي الشهير. وقد بحثت حضرتها بحثاً دقيقاً في مدينة مصر , في أزمنتها الأولى , فتكلمت عن الديانة والشرائع والعلوم والآداب والصنائع والكتابة كلاماً كثيراً الفائدة ولكننا اقتصرنا على نقل ما ورد فيهِ عن ديانة المصريين وشرائعهم. قالت: سبق قدماءُ المصريين شعوبَ العالم قاطبةً في مضمار التمدُّن والترقي , وأدركوا من العلوم والمعارف والآداب ما لم تبلغ إليهِ أُمةٌ في تلك الأعصر الخوالي , حتى أنه ليصحُّ أن تُعدَّ المدَنيةُ المصرية أمّاً لمدَنيات شعوبٍ كثيرة أخذت عنها واقتدت بها. وقد خلّف لنا المصريون من الآثار المجيدة ما ينطق بما كانوا عليهِ من التقدُّم الأدبي والمادي والصناعي؛ ولا يزال علماءُ العاديات يكتشفون في أيامنا هذهِ أدلةً على ازدهار المدَنية المصرية القديمة. وفي ما يلي شيءٌ مما كانت عليهِ حالةُ مصر الدينية والأدبية والمادية:
الديانة المصرية - كان قدماءُ المصريين من أشدّ الأمم تمسكاً بالدّين؛ يدلُّ على ذلك المعابد والهياكل الكثيرة التي لا يزالُ معظمها قائماً حتى يومنا. وأصلُ دينهم مجهول , ولعلهم أتوا بهِ من آسيا عندما هاجروا منها إلى مصر. وكانوا في بداية أمرهم موحدين يؤمنون بإلهٍ واحدٍ أزليّ مبدع الأرض والسماء , تعجز العقول عن إِدراك جوهرهِ. ثم أَخذوا