يقول في البيت الأول: تمنع الرِّماحَ مِنَ النفوذِ في عَدوِّ الممدوح دِرْعٌ سابغة قد تلطّخت بالدماء التي تسيل من الأسِنّةِ عليها، أو أنّ وقْعَ الأسِنّةِ في هذه الدِّرْعِ كديمةِ المَطر تَتابُعاً. ويقول في البيت الثاني: إنَّ الرِّماحَ تؤثِّر في دِرْعه، أي تَجْرحُها، ولا تنفذها إلى جِسْمِه، حتّى كأنَّ أسِنَّتَها أقلامٌ تَخُطُّ في القِرْطاس ولا تَخْرُقه. وقال المعري:
وما هي إلا رَوْضةٌ سَدِكٌ بِها ... ذُبابُ حُسامٍ في السَّوابِغِ شادِ
على أنَّها أمُّ الوَغى وابْنَةُ اللَّظى ... وأخْتُ الظُّبَى في كُلِّ يَوْمِ جِلادِ
القعْبُ: القَدَحُ الصغير، ونَثَلَ الدِّرْعَ ينثلها: إذا ألْقاها على نفسِه وصبَّها عليه، والثِّمادُ جمعُ ثمد وهو: الماءُ القليل. يقول: إذا طُوِيَتْ صَغُرَ حجمُها بالطّي حتى يَسعَها القعب. وإنْ لُبست سالت على البَدنِ كالماء. وقوله: وما هي إلا روضةٌ. . . . البيت، فسَدك بالشيء: لَزِمَه، وشدا يشدو فهو شادٍ: إذا رفع صوتَه بالغناء، شبَّه هذه الدِّرْعَ بالرّوضة، والذُّبابُ يجتمع في الرّياض ويُصوِّت فيها، يقول: إنّ هذه الدرعَ روضةٌ قد أولِعَ بها ذُبابُ السيف، وهو: حَدّه الذي يتغنّى في الدّرع، أي أنّها دِرْعٌ لا تزال على بطلٍ مُحاربٍ تَرِدُها سيوفُ الأقرانِ وتقارعُها فيُسْمع صوتُ وقْعِها. وقوله: على أنّها. . . البيت فالجِلاد: الضِّرابُ بالسّيوف، وجعل الدّرْعَ أمَّ الوغى - أي الحرب - إذْ أنّها تجري مَجْرى الأصل والملجأ الذي يُلْجأ إليه، وجعلها ابنةَ اللَّظى - أي النار - لأنّها إنّما عُمِلَتْ بالنار، وأختُ الظُّبَى -