للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمولٌ على السَّلامة، وقد أعرضوا عن اعتبار هذه الشُّروط في زماننا؛ لإبقاء سلسلة الإسناد، فيُعتبَر البلوغ والعقل والسَّتر والإتقان ونحوه. ولألفاظ التَّعديل مراتبُ: أعلاها: ثقةٌ أو متقنٌ أو ضابطٌ أو حجَّةٌ. ثانيها: خَيِّرٌ، صدوقٌ، مأمونٌ، لا بأسَ به، وهؤلاء يُكتَب حديثهم. ثالثها: شيخٌ، وهذا يُكتَب حديثه للاعتبار رابعها:

بن سليمان وعبد الله ابن المبارك، وأخرج له الشيخان عن: روح بن عبادة، وعبد الأعلى، ويزيد بن زُريع، وغيرهم، وبعد الاختلاط: المُعافى بن عِمران، ووكيع، والفضل بن دُكين.

ومنهم: سُفيان بن عُيينة اختلط قبل موته بسنتين، قال الذهبي: ويغلبُ على ظني أنَّ سائر شيوخ الأئمة الستة سمعوا منه قبل ذلك. انتهى.

وممن سمعَ منه في التَّغَيُّرِ: محمد بن عاصم.

ومنهم: عارمٌ محمد بن الفضل السَّدُوسي، قال البخاري: تغيَّرَ في أواخر عمره، وقال أبو حاتم: مَن سمع منه سنة عشرين ومئتين فسماعه جيد. انتهى.

وممَّن سمع منه قبل الاختلاط عبد الله المسندي وأبو حاتم وأبو علي محمد بن أحمد، وبعده علي بن عبد العزيز والبغوي وأبو زُرعة.

ومنهم: أبو قلابة الرَّقَاشي قال ابن خُزيمة: حدثنا أبو قِلابة بالبصرة قبل أن يختلطَ ويخرج إلى بغداد. فظاهره أن من سمع منه بالبصرة فسماعه صحيحٌ، وذلك كأبي داود السجستاني، وابنه أبي بكر وابن ماجه وأبي عَرُوْبَة، وممَّنْ سمعَ منه ببغداد أحمد بن كامل القاضي، وأبو سُهيل بن زياد، وعُثمان بن أحمد السماك، وأبو العبَّاس الأَصَمُّ.

ومنهم: أبو بكر القَطِيْعِي راوي «مسند أحمد» و «الزهد» عن ابنه عبد الله، قال ابن الصلاح: اختلَّ في آخرِ عُمُرِهِ وخرق حتى كان لا يعرف شيئًا مما يقرأ عليه، وَرُدَّ بأنَّه لم يثبتْ ذلك، ولو ثبت فممنْ سَمِعَ منه حال صحته الحاكم والدَّارقطني وأبو نُعيم وأبو علي التميمي راوي «المسند» عنه؛ فإنَّه سمعه عليه.

قوله: (عَلَى السَّلَامَةِ)؛ أي: من الاختلاطِ.

قوله: (وَقَدْ أَعْرَضُوْا)؛ أي: المتأخرون.

وقوله: (لِابْقَاءِ السِّلْسِلَةِ)؛ أي: لكونِ المقصود الآن هو إبقاء سلسلة الإسناد، عبارة «التقريب» و «شرحه»: أعرض الناس في هذه الأزمان المتأخرة عن اعتبار مجموع هذه الشروط المذكورة في رواية الحديث ومشايخه لتعذُّرِ الوفاءِ بها على ما شُرط، ولكون المقصود الآن صار إبقاء سلسلة الإسناد المختص بهذه الأمة المحمدية، والمحاذرة من انقطاع سلسلتها فليُعتبر من الشروط ما يليقُ بالمقصود وهو كون الشيخ مسلمًا. انتهى.

قوله: (السَّتْرُ)؛ أي: بأنْ لا يكونَ مُتظاهرًا بفسقٍ أو سُخف يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ.

قوله: (والإِتْقَانُ) قال النووي: ويُكتفى في ضبطه بوجودِ سماعه مُثبتًا بخطِّ ثقةٍ غيرِ مُتَّهَمٍ، وبروايته من أصل صحيح موافق لأصل شيخه. انتهى.

قوله: (وَلِأَلْفَاظِ التَعْدِيْلِ مَرَاتِبٌ) جعلها النووي وابن الصلاح أربعًا فتَبِعهم الشارح، وجعلها الذهبي والعراقي خمسة، وشيخ الإسلام ستة، وتُقبل الشهادة بما ذكر من واحد كالشافعي وأحمد والبخاري كما سبقت الإشارة إليه.

قوله: (أَعْلَاهَا)؛ أي: بِحَسب ما ذكره.

وأما المرتبة التي زادها الذهبي والعراقي فإنها أعلى من هذه، وهي ما كُرِّرَ فيهِ أحدُ هذه الألفاظ المذكورة أعني: (ثقة أو متقن … ) إلى آخره، إمَّا بعينه (كثقة ثقة) أو لا (كثقة ثبت) أو (ثقة حجة) أو (ثقة حافظ)، والرتبة التي زادها شيخ الإسلام أعلى من مرتبة التكرير: وهي الوصف بأفعل (كأوثق الناس) و (أثبت الناس) أو نحوه كـ (إليه المنتهى في الثَّبْتِ).

قال الجلال: ومنه: (لا أحدَ أثبتُ منه) و (مَنْ مثل فلان) و (فلان يُسأل عنه؟!) على تقدير همزة الاستفهام الإنكاري، وهذه الثلاثة في ألفاظهم. انتهى.

فالمرتبةُ التي ذكرها الشارحُ أعلى؛ وهي ثالثةٌ في الحقيقة.

قوله: (أَوْ ضَابِطٌ أَوْ حُجَّةٌ)؛ أي: أو ثبتٌ أو عدلٌ حافظ.

قوله: (ثَانِيْهَا)؛ أي: المراتب، وهي رابعةٌ بحسب ما ذكرناه.

قوله: (خَيِّرٌ)؛ أي: أو (خيار) أو (محله الصدق) على ما ذكره النووي، وجعلَ الذهبي قولهم: (محله الصدق) مؤخَّرًا عن قولهم: (صدوق) إلى المرتبة التي تليها، وتبعه العراقي؛ لأنَّ صدوقًا مبالغةٌ في الصدق بخلاف محله الصدق، فإنَّه دالٌّ على أنَّ صاحبه محلُّهُ ومرتبتُه مطلقُ الصدقِ.

قوله: (وَهَؤُلَاءِ)؛ أي: أصحاب هذه المرتبة الثانية في كلامه.

وقوله: (يُكْتَبُ حَدِيْثُهُم) كانَ عليه أن يزيدَ: وينظر فيه، كما قاله ابن أبي حاتم ونقله النووي وابن الصلاح؛ فإنَّ هذا هو محل الفائدة، وإلَّا فما قبل هذه المرتبة يُكتب حديثهم أيضًا لكن من غير نظرٍ كما أطلقه ابن الصلاح والنووي والجلال وغيرهم، وإنَّما ينظر في حديث هؤلاء.

قال ابن الصلاح: لأنَّ هذه العبارة لا تُشعر بالضبط فيُعتبر حديثهم بموافقة الضابطين، ولو أَخَّرَ هذه العبارة عن قوله: (ثَالِثُهَا: شَيْخٌ) وقالها مع قوله: (للاعْتِبَارِ) ليُفيدَ أنَّ أهلَ هاتين المرتبتين يُكتب حديثُهُم للاعتبار كان أوفق، بل لو أخَّرها عن الرابعة كان أولى وأخصر.

قوله: (ثَالِثُهَا) هي الخامسةُ بحسبِ ما ذكرنا.

قوله: (شَيْخٌ) زادَ العراقي في هذه المرتبة قولهم: (إلى الصدق ما هو)، وقولهم: (شيخ وسط) و (جيد الحديث) و (حسن الحديث)، وزادَ شيخ الإسلام: (صدوق سيئ الحفظ) و (صدوق له أوهام) و (صدوق مخطئ) و (صدوق

<<  <   >  >>