هذا؛ فلْيُعلُم أنَّ شرط الرَّاوي للحديث أن يكون مُكلَّفًا
تسعة، أولهم: شيخ سيبويه صاحب النحو والعروض، روى عن عاصم الأحول وآخرين، ولد سنة مئة ومات سنة سبعين، ولم يُسَمَّ أحد بأحمد بعده ﷺ قبل [أبي] الخليل هذا على الصواب.
والثاني: أبو بشر المزني البصري.
والثالث: الخليل بن أحمد البصري الذي يروي عن عكرمة إن لم يكن الخليل العروضي وإلا فالخليل بن أحمد البغدادي الراوي عن سيَّار.
الرابع: الخليل بن أحمد أبو القاسم المصري روى عنه الحافظ أبو القاسم.
الخامس: الخليل بن أحمد الجَوْسَقِي روى عنه ابن النجار.
السادس: الخليل بن أحمد أبو سعيد السِّجْزِي القاضي روى عنه الحاكم.
السابع: الخليل بن أحمد أبو سعيد البُسْتِي القاضي سمع ممن قبله وروى عنه البيهقي.
الثامن: الخليل بن أحمد أبو سعيد البُسْتِي الشافعي حدَّث عن أبي حامد الإسفرايني.
التاسع: الخليل بن أحمد الخالدي.
ومن هذا القسم أنس بن مالك عشرة، روى منهم الحديث خمسة:
الأول: خادم النبي ﷺ أنصاري يُكنَّى أبا حمزة.
والثاني: كعبي يُكنَّى أبا أمية ليس له عن النَّبيِّ ﷺ إلَّا حديث: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عن الْمُسَافِرِ الصِّيَامَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ».
والثالث: أبو مالك الفقيه.
والرابع: حمصي.
والخامس: كوفي.
الثالث من الأقسام: مَن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم: كأحمد بن جعفر بن حمدان أربعة، كلهم يروون عمَّنْ يُسمى عبد الله، وكلهم في عصر واحد.
أحدهم: القطيفي البغدادي.
والثاني: السقطي البصري.
والثالث: الدِّيْنَوري بكسر الدال وسكون التحتية وفتح النون والواو نسبة لدِيْنَور.
والرابع: الطرسوسي.
الرابع من الأقسام: من اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم وأنسابهم كمحمد بن عبد الله الأنصاري، وهما اثنان متقاربان في الطبقة أحدهما القاضي المشهور الذي روى عنه البخاري، والثاني أبو سلمة ضعيف.
إلى غير ذلك مما بَسَطَتْهُ المبسوطات، وقد ذكرتُ منه جملة محتاجًا؛ إليها كمن تسمى بمحمد بن إدريس وبعمر بن الخطاب ونحو ذلك في «سعود المطالع»، فإن رَغِبْتها فلا ترغب عنه فإنَّه نِعْمَ السَّمِير.
قوله: (شَرْطَ الرَّاوِي لِلْحَدِيْثِ)؛ أي: الذي تُقبل روايتُهُ ويحتجُّ بِهَا، ومن المُهم معرفة الفرق بين الرواية والشهادة لاختلافهما في كثيرٍ من الأحكام.
قال العراقي: أقمتُ مدةً أطلب الفرق بينهما حتى ظفرتُ به في كلام الماوردي، فالرواية هي الإخبار عن أمرٍ عامٍ لا ترافُعَ فيه إلى الحُكَّام، والشهادة الإخبار عن خاصٍّ فيه الترافعُ إليهم، وأما ما يختلفان فيه فكالعدد لا يُشترط في الرواية بخلاف الشهادة، وكذا الذكورية مُطلقًا بخلاف الشهادة في بعض المواضع، ولا الحرية بخلاف الشهادة مطلقًا وغير ذلك مما ضَبطتُّه في «الكواكب الدرية» ونظمته بقولي:
إنَّ الشهادةَ للروايةِ فارقتْ … بأمورٍ اذْ فيهَا التعددُ معتبرْ
وتَقَدُّمُ الدعوى وحضرةُ حاكمٍ … مَعَ نفيِّ جرِّ النَّفعِ أوْ دفعِ الضررْ
حريةٌ وقبولُها منْ تائبٍ … منْ فِريةٍ قطعًا وفيْ البعضِ الذكرْ
وإذَا بدا التزويرُ فيها مرةً … لا نقضَ فيما قبلهَا منهُ صدرْ
والجرحُ والتعديلُ ممنوعٌ ولوْ … مِنْ عالمٍ إلَّا إذَا سببًا ذَكَرْ
والحكمُ بالعلمِ امنعنْ بهمَا لغيـ … ر الحدِّ لكنْ في الروايةِ يُعتبرْ
وعَلَى الشهادةِ ليسَ تؤخذُ أجرةٌ … وإذَا بهَا حكمُوا فتعديلٌ ظهرْ
واعملْ بهَا بعدَ الرجوعِ فقاصصِ … الشهادةَ أمَّا فيْ روايتهِم فذرْ
منْ دونِ أربعةٍ إذَا شهدوا الزِّنَا … فبِدونِ توبَتِهم شهادتُهم هدرْ
وارددْ شهادةَ أصلٍ أوْ فرعٍ وَمَا … كانتْ عَلَى أُخرَى إذَا أصلٌ حضرْ
وشهادةُ الدَّاعِي لبِدْعَتِهِ اقبلنْ … فِيْ غَيْرِ خَطَّابيةٍ إذْ هُمْ عجرْ
فيْ شاهدٍ شرطُوا البلوغَ وليسَ فِيْ … بابِ الروايةِ كلُّ ذلكَ معتبرْ
كالجرحِ والتعديلِ يثبتُهُ فتىً … فيهَا وفيْ بابِ الشهادةِ يحتظرْ
فاحفظْ لهاتيكِ الفُروق فإنَّها … أزهى وأبهى من تقاصيرِ الدررْ
وشرح هذه الأبيات في «الكواكب» أيضًا فانظرها.
قوله: (مُكَلَّفًا) بأن يكونَ مسلمًا بالغًا عاقلًا، فلا يقبلُ