للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما اتَّصل سنده رفعًا ووقفًا، لا ما اتَّصل للتَّابعيِّ. نعم؛ يسوغ أن يُقال: متَّصلٌ إلى سعيد بن المسيَّب، أو إلى الزُّهريِّ مثلًا.

والمُرسَل: ما رفعه تابعيٌّ مطلقًا، أو تابعيٌّ كبيرٌ إلى النَّبيِّ ، وهو ضعيفٌ لا يُحتَجُّ به كما

أو الصحابي، فخرج بقيد الاتصال المرسل والمُعْضَل والمُنْقَطع والمُعَلَّق ومُعَنْعَن المُدَلِّس -بكسر اللام- قبل تبين سماعه.

وبقيد السماع الاتصال بغير السماع كاتصاله بالإجازة كأن يقول: أجازني فلان، قال: أجازني فلان، وهكذا إلى آخر السند فلا يُسمى الحديث المروي كذلك متصلًا.

ودخل بالتعميم السابق المرفوعُ والموقوفُ كما ذكره الشارح بقوله (رَفْعًا وَوَقْفًا).

قوله: (لَاْ مَاْ اتَّصَلَ لِلتَّابِعِيّ)؛ أي: فلا يُسمى متصلًا على الإطلاق، أما مع التقييد فجائز، واقع في كلامهم، كما قال الشارح: (نعم يَسُوْغُ أَنْ يُقَالَ: مُتَّصِلٌ إِلَى سَعِيْد … ) إلى آخره؛ أي: بالتقييد، قال العراقي: والنكتة في ذلك؛ -أي: عدم التسمية بالاتصال مع الإطلاق- أنَّها تُسمى مقاطيع، فإطلاق المتصل عليها كالوصف لشيء واحد بمتضادين لغة. انتهى.

قوله: (وَالمُرْسَل) من الإرسال، وهو الإطلاق، سُمِّي بذلك لكون التابعي أطلقه ولم يُقيد بجميع رواته، حيث لم يسمِّ مَن أرسله عنه.

قوله: (مَا رَفَعَهُ)؛ أي: متنٌ رفعه التابعي إلى النَّبيِّ ، بأن قال فيه نحو سعيد: قال رسول الله ، وأسقط الصحابي الذي رواه عنه، أعمُّ من أن يكون المرفوع قولًا أو غيره على قياس ما مرَّ في المرفوع، وسواء كان الرفع صريحًا أم كناية؛ -أي: حكمًا كأن يكون مما ليس للرأي فيه مجالٌ- فإن سقط قبل الصحابي واحد فهو منقطع لا مرسل، أو أكثر فمعضل ومنقطع أيضًا وهذا عند المحدثين، أما الأصوليون والفقهاء فالكلُّ مرسل عندهم، وهو اختلاف في الاصطلاح لا في المعنى؛ إذ الكل لا يحتجُّ به عند الكلِّ.

وقوله: (تَابِعِيٌّ مُطْلَقًا)؛ أي: سواءٌ كان التابعي كبيرًا؛ وهو: من لَقِيَ جمعًا من الصحابة وكان جلُّ روايته عنهم كسعيد بن المسيَّب وعبيد الله بن عَدي بن الخيار، أم صغيرًا، وهو من لقي واحدًا منهم كالزهري. هذا هو المشهور في تعريفه عند المحدثين.

وقوله: (أَوْ تَابِعِيٌّ كَبِيْرٌ)؛ أي: وقيل: هو ما رفعه التابعي الكبير فقط، فلا يكون ما رفعه التابعي الصغير مُرسلًا بل منقطعًا؛ لأنَّ أكثر رواية مثله عن التابعين الكبار.

وقيل في المرسل أيضًا: هو رواية الرجل عمَّن لم يسمع منه، وقيل: ما سقط من رواته راوٍ أو أكثر من أوله أو آخره أو بينهما كما تقدمت الإشارة إليه، فجملة الأقوال فيه أربعة.

والمراد بالتَّابعي: التَّابعي ولو حُكمًا، ليشمل الصحابي الذي لم يروِ إلَّا عن التابعين بأن أسلم قبل موته بقليل؛ بحيث رآه ولم يرو عنه، أو رآه غيرَ مميزٍ، كمحمد بن أبي بكر الصديق، فإنَّ مُرسله في حكم مراسيل التابعي؛ لأنَّ رواية هذا عن التابعين، بخلاف الصحابي الذي أدركَ وسمع، فإنَّ احتمال روايته عن التابعين بعيدٌ جدًا.

ثُمَّ محلُّ كون قول التابعي مرسلًا؛ ما لم يسمع من النَّبيِّ وهو كافرٌ ثم أسلم بعد موته أو قبله ولم يرهُ، ثم حدَّث عنه بما سمعه؛ كالتنوخي رسول هرقل، فإنَّه مع كونه تابعيًا اتفاقًا محكوم لما سمعهُ بالاتصال لا بالإرسال.

ولا خلافَ في الاحتجاج به، قال الزركشي: وعليه فيلغز، ويُقال: تابعي يقول: قال النَّبيُّ كذا وحديثه مُسند لا مرسل. انتهى.

أي: ويحتجُّ به من غير خلاف لأنا إنَّما نَردُّ المُرسل لجهالة الواسطة وهي هنا مفقودة.

[تنبيهات]

الأول: التابعي: هو مسلم لاقى صحابيًّا ومات مسلمًا ولو تخللت منه ردة، ولا يشترط فيه طول مدة كالصحابي على المعتمد فيهما.

واخْتُلف في أفضل التابعين هل هو سعيد بن المسيَّب -كما عليه أهل المدينة- أو الحسن البصري -كما عليه أهل البصرة- أو أويس القرني، كما عليه أهل الكوفة؟.

قال العراقي: وهو الصحيح بل الصواب؛ لحديث عمر: سمعت رسول الله يقول: «إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ له: أُوَيْسٌ».

الثاني: الإِرسال نوعان: ظاهرٌ كرواية الرجل عَمَّن لم يعاصره، وخفيٌّ وهو أن يروي عمَّن عاصره ولم يعرف له منه سماع مطلقًا أو لذلك الخبر بعينه مع سماع غيره، ويعرف ذلك إما بنص بعض الأئمة عليه، أو بوجه صحيح كإخباره عن نفسه بذلك في بعض طرق الحديث، ونحو ذلك كأحاديث أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود، فقد روى الترمذي أنَّه قيل لأبي عبيدة: هل تذكر عن عبد الله شيئًا، قال: لا، وكذلك مجيئه من وجه آخر بزيادة شخص بينهما.

الثالث: إذا قال الراوي في الإسناد: فلان عن رجل أو شيخ عن فلان، فقال إمام الحرمين: هو مرسل، وجعل منه كتب النَّبيِّ التي لم يُسَمَّ حامِلُها، وقال الحاكم: منقطع، والجمهور: أنَّه متصل في سنده مجهول.

وقد روى البخاري عن الحميدي قال: إذا صح الإسناد عن الثقات إلى رجل من الصحابة فهو حجة إن لم يُسَمَّ ذلك الرجل. انتهى.

وقال أحمد: هو حديث صحيح، وفَرَّقَ الصَّيرفي بين أن يرويه التابعي عن الصحابي معنعنًا

<<  <   >  >>