للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٤ - علي بن موسى بن أَبي بكر بن محمد الشيبي -من بني شيبة حجبة الكعبة- وكان محمد والد جدّه دخل اليمن فوصل إلى حَرَض (١) فخرج إلى الحُرَث (٢) ساحل موْر (٣) وهو وادٍ عظيم به عدّة قرى منها الحسّانيّة: قرية أبي حسّان بن محمد الأَشعري وكان مِّمن يُعْتَقد، فاتفّق أَن طائفتين من قومه وقعت بينهم فتنة فقُتل بينهم قتيل فاستوهب دمه فقالوا له بشرط "أَن تسكن معنا" فأَسّس لهم مكان قرية فسكنوه وهو معهم فنُسِبت إليه؛ وكانت له أخت فزوّجها بمحمّد والد أبي بكر لأَنه تفرّس فيه الخير فأَقام عندهم، فلما حملت توجّه لمكة وعهد لامرأَته إنْ ولدت ذكرًا أن تسميه "أبا بكر" ففعلت، ومات الشيخ أَبو حسّان فخلفه في زاويته ولد أُخته أَبو بكر المذكور.

وكان لأَبي حسّان إتساعٌ من الدنيا، وكانت النذور تصل إليه من عدة بلاد فظهرت لأَبي بكر كرامات، وخلَفه في زاويته ولده عليّ وكان كثيرَ العبادة والتجريد، ويقال إنَّه قعد مدةً لا يأْكل في الأَسبوع غير مرّة ولم يتعلَّق بشي من أمور الدنيا، وخلفه في مكانه ولده إسحق بن علي وكان على طريقته إلى أَن مات، فخلفه أخوه موسى وكان عابدًا صاحب مكاشفات وكرامات، وكان ذكيًّا مذاكرًا، فلما مات قام ولده موسى بن علي بن أَبي بكر فاشتهر بالصلاح والدعاء والسخاءِ وحُسن الخلق وكثرة الخير وطول الصمت، وكان يُدمِنُ على سماع الحديث والتفسير على الفقيه أَحمد العلقي، وكان نزل فيهم وتزوّج الفقيه علي بن موسى أُخته. وكان الشيخ علي يذاكر بكثير من الحديث والتاريخ والسيرة، مع المحافظة على الوضوء وصلاة الجماعة، وكان موسّعًا عليه في الدنيا ويلبس أَحسن الثياب، وله ولدٌ اسمه عبد الله (٤) نصب بعده بالزاوية وكان كثير التلاوة ومات في سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة. وسيأْتي ذكر قريبه محمد بن أَحمد بن حسين بن أَبي بكر الشيبي فيمن مات


(١) انظر ابن عبد الحق البغدادي: مراصد الاطلاع ١/ ٣٩٢.
(٢) في هـ "الحادث"، والضبط بالمتن من مراصد الاطلاع ١/ ٣٩١.
(٣) ورد التعريف به في مراصد الاطلاع ٣/ ١٣٣١ بأنه أحد مشارف اليمن الكبار وإليه يصب أكثر أودية اليمن".
(٤) انظر ترجمته في الضوء اللامع ٥/ ١٢٨.