للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنة تسعٍ وثلاثين وثمانمائة، نقلتُ ذلك من "تاريخ اليمنِ" للجنيدي تذييل الشيخ حسين بن الأهدل.

٢٥ - عمر بن إبراهيم بن محمد بن عمر بن عبد العزيز بن محمد بن أَحمد بن هبة الله ابن محمد بن هبة الله بن أَحمد بن يحيى بن زهير بن هارون بن موسى بن عيسى بن عبد الله ابن أَبي جرادة محمد بن عامر العقيلي، القاضي كمال الدين أَبو القاسم الحلبي ثم المصري المعروف بابن العديم، وُلد سنةَ أَربعٍ وخمسين (١) واشتغل ببلده وناب في الحكم، ثم استقلّ به في سنة أَربعٍ وتسعين عوضًا عن ابن الجاولي فباشره بحرْمةٍ وافرة، وحصّل أَملاكًا وثروةً كبيرة، وكان وجيها عند الكبار وله حرمة وافرة، وأُصيب في اللنكية ثم دخل القاهرة في آخر السنة، وقدم القاهرة غير مرة، وفي الآخر استوطنها لما طَرَقَ الططر البلاد الشامية فأُسِر مع مَن أُسِر، ثم خلص بعد رجوع اللنك فقدم القاهرة في شوّال وحضر مجلس القاضي أَمين الدين الطرابلسي قاضي الحنفية، ثم سعى وولي القضاءَ بها في سادس عشري رجب سنة خمسٍ وثماني مائة، ثمّ درّس بالشيخونية انتزعها من الشيخ زادة بحكم اختلال عقله لمرضٍ أَصابه، وكان له ولدٌ نجيبٌ غايةً في الذكاء حسنَ الخلّة قد ناب عن والده مدّةً فما قدر على مقاومته، وعاشر الأُمراءَ وداخَل الدولة وكبر جاهه وعظم مالُه، وكان لا يتحاشى مِن جمْع المال من أَيِّ وجْه كان؛ وقد سمع من ابن حبيب وابنه، وكان من رجال الدنيا دهاءً ومكرًا، ماهرًا في الحكم، ذكيًّا خبيرًا بالسَّعْيِ في أُموره، يقظًا غير متوانٍ في حاجته، كثيرَ العصبّية لمن يقصده. مات قبل رجب بنحوٍ من عشرين يومًا بعد أن نزل لولده محمد -وهو شابٍ- عن تدريس الشيخونية وقبْلَها المنصوريّة وباشرهما في حياته وأَوصاه أَن لا يفتر عن السّعي في القضاء فامتثل أَمره واستقرّ بعده.

وكان الكمال كثير المروءَةِ متواضعًا بشوشًا كبير الجرأَة والإقدام والمبادرة في القيام في حظِّ نفسه، محبًّا في جمْع المال بكل طريق، عفا الله عنه.


(١) أمامها في هامش هـ "في تاريخ المقريزي سنة اثنتين وستين. كذا نقل لي عنه".