للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَهلها إلَّا نحو خمسين نفسًا، وانشقَّت الأَرض وانقلبت قَدْرَ بريدٍ من بلد القصير إلى سَلْتُوهم -وهي بلدٌ فوق جبلٍ- فانتقلت عنه قدْرَ ميلٍ بأَشجارها وأَعينها وأَهلها ليْلًا ولم يَشْعُروا بذلك؛ وكانت الزلزلة بقبرص فخربت فيها أَماكن كثيرة وكانت بالجبال والمناهل، وشوهد ثلجٌ على رأس الجبل الأَقرع (١) وقد نزل البحر وطلع وبينه وبين البحر عشرة فراسخ، وذكر أَهل البحر أَن المركب في البحر المالح وصلت على الأَرض لما انحسر البحر ثم عاد الماء كما كان فلم يتضرّر أحد.

وفيها أُلزم القضاة أن يخفِّفوا من نوابهم، فاستقرّ للشافعي أَربعة، وللحنفيّ ثلاثة، وللمالكي كذلك، وللحنبليِ إثنان، فدام ذلك قليلًا ثم بطل.

* * *

وفيها تجهَّز الناصر من دمشق فأَمر قبل خروجه بقتْل مَن بالإسكندرية وغيرها من المسجونين، فقُتل بيبرس ابن أُخت الظاهر وبيغوت وسودون المارداني في آخرين.

وفي أواخر السنة قُتل فخرُ الدين بن غراب غيلةً وكان في سجن جمال الدين الأُستادار، وكان يُسَّمى "ماجدًا" فتَسمَّى في أَيام وزارته وعظمة أَخيه "محمدا"، وكان سيئ السيرة جدا، وكان يلثغ لثغةً قبيحةً يجعل الجيم زايًا والشينَ المعجمةَ مهملة.

وأُخرج (٢) من السجن الشهاب ابن الطبلاوي ميتا، وقُتِل في السجن أَيضا ناصرُ الدين محمد بن كلفت الذي ولى إمرة الإسكندرية وشدّ الدواوين وولاية القاهرة مرات.

* * *

وفي رمضان نودِيَ بالقاهرة أَن لا يتعامل أَحدٌ بالذهب أَلبتَّة ومُنع من بيع الذهب المصوغ والمطرّز، وكَتب جمال الدين على أَهل الأَسواق قساماتٍ بذلك، ولقي الناس من ذلك تعبا، ثم سعى جمال الدين في ذلك إلى أَن بطل ونودِيَ أن يكون المثقال بمائة، فأَخفاه أَكثر الناس ولم يظهر بيد أَحدٍ من الناس فوقف الحال، ثم نودي أَن يكون بمائة وعشرين بعد أَن كان بلغ مائة وسبعين.


(١) أشار ياقوت في معجمه إلى أنه في المناطق المحيطة بأنطاكية واللاذقية وطرابلس، ويسميه الروم Mons Casius ، انظر في ذلك أيضًا Le Strange : op. clt p. ٨١.
(٢) خلت ظ من خبر مقتل ابن الطبلاوي.