للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد قليلٍ نَمَّ بعضُ الناس على جمال الدين بأَنَّه عمل مدرسةٌ وبالغوا في وصْفِها وما بها مِن الرّخام والزخرفة، وأَنَّه ما اكتف بذلك حتّى شرع في أُخرى بباب زويلة، فاستفسره الناصر عن ذلك ففهم من أَين أتى، فقال: "إنما شرعْتُ في عمل صهريجٍ ومسجدٍ، وفيه (١) مدرّس على اسم مولانا السلطان ليختصّ بثواب ذلك"، فأَرضاه (٢) وقد لزم غلطه فصيّره له حقيقةً ولم يكمل جمال الدين من ذلك الوقت سنةً حتى قُبض عليه وأُهلك كما سيأْتي.

وفيها كملت مدرسة الخواجا علاء الدين الطرابلسي بسويقة (٣) ساروجا بدمشق.

* * *

وفيها نودِيَ في شعبان بالقاهرة ألا يركب أَحد الخيل أَو البغال إلا الأَجناد الذين في خدمة السلطان أَو الأُمراء خاصة، ثم سُعِيَ للقضاة فأُذِن لبعضهم، ثم صار يؤذن بمراسيم سلطانية للواحد بعد الواحد من ديوان الإنشاء، واشتدّ الأَمر في ذلك فصار المماليك يُنْزِلون من رأَوه راكبًا فرسًا إلَّا أَنْ أَخرَج لهم المرسوم، ثم بطل ذلك في آخر السنة.

وفي سادس عشر رجب صُرف ناصر الدين بن العديم من قضاء الحنفية واستقرّ أَمين الدين ابن الطرابلسي بعناية جمال الدين الأُستاذار.

وفي عاشر شعبان جاءَت زلزلة عظيمة في نواحي بلاد حلب وطرابلس، فخرب من اللاذقية وجبلة وبلاطيس أماكن عديدة، وسقطت قلعة بلاطيس فمات تحت الردم خمسة عشر نفسًا، ومات بجبلة خمسة عشر نفسًا، وخربت شعر بكاس كلها وقلعتها ومات جميع


(١) أي في المسجد.
(٢) أي أنه أرضى السلطان بذلك القول.
(٣) أشار الأستاذ جعفر الحسني في تعليقاته على كتاب النعيمي: الدارس في تاريخ المدارس ١/ ٤٣٠ حاشية رقم ١ إلى أنه من أحياء دمشق الهامة، وأنه يعرف اليوم باسم سوق ساروجة.