وجَمْعِهِم من التركمان وكسَرهم كسرة ثانية وضرب أَعناق كثير منهم صبرًا، وقتل نعيرًا وأَرسل برأْسه إلى القاهرة.
ولما وصل دمرداش من هروبه إلى الرملة جاءَ توقيع من الناصر بولايته طرابلس فرجع لذلك، واستمر قصد حكم إلى جهة دمشق فوصل إلى سلمية، وأَرسل شرباش إلى حمص، فاستعدّ نائب الشام لقتاله، ووصل إليهم العجل بن نعير طالبًا بثأْر أَبيه وكذلك ابن صاحب الباز طالبًا ثأْر أبيه وأخيه، وكان معهم من العرب والتركمان خلقٌ كثير، وتوجّهوا بعد عيد الأَضحى إلى جهة حلب.
ووصل توقيع العجل بن نعير بإمرة أَبيه، ووصل نائب الشام ومَن معه إلى حمص في نصف الشهر، وتكاتبوا مع جكم في الصلح؛ فلمّا كان في الثالث والعشرين من ذي الحجّة وقعت الوقعة بينهم فانكسر عسكر أَهل الشام، ووصل شيخ و دمرداش إلى دمشق منهزمين، وكانت الوقعة بالرّسْتَن (١)، وأن نائب الشام ومَن معه كانوا في الميمنة فحطَّمها، ثم حَمل على الميسرة فثبتوا ساعةً ثم انهزموا.
ورحل نائبُ الشام ومَن معه مِن دمشق بعد أَن أَخذ منها خيولًا وبغالًا وتوجّه إلى مصر، ورحل جماعةٌ من جهة نرروز بعده إلى دمشق، وهرب الحسبانى وعلاءُ الدين نقيبُ الأَشراف وتأَخر البقيةُ من القضاة والمباشرين فلاقوا نوروز وسلَّموا عليه، فدَخل دمشقَ في أَواخر ذى الحجة، وقُتِل علاءُ الدين بيْن يَدَىْ جكم صبرًا وكذلك طولو، ثم دخل حكم بعد بيوم، وبالغ حكم في الزَّجر عن الظلم وعاقبَ على شُرْب الخمر فأَفحش حتى لم يتظاهر بها أَحد، وكانت قد فشَتْ بين الناس، ونادي في دمشق أَن لا يظلم أَحد على أَحد، ومَن أَساءَ على الحكم والحسبة فُعِل به وفُعِل، وانسلخت السنة وهُم على ذلك.
(١) بليدة قديمة بين حماة وحمص على نهر العاصي، انظر ابن عبد الحق: مراصد الاطلاع ٢/ ٦١٥، Dusshud : Topographie Historique de la Syria، pp. ١٠٩ at nag