للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وكان السبب في قصد اللنك بلاد ابن عثمان أن أحمد بن يوسف (١) وقرا يوسف كانا قدْ فرَّا إليه فأجارهما، فراسله اللنك بعد أن غلب على بغداد فيهما، فامتنع، فجعل ذلك ذريعة إلى قتاله فتوجَّه إليه.

وكان ابن عثمان قوى النفس فجمع العساكر ولم يقنع الانتظار فكان ما كان.

وأول ماملك اللنك قلعة كماخي وكانت في غاية الحصانة، ثم راسل التتار الترك بالروم ومَتَّ إليهم بالجنسية ومنَّاهم ووعدهم فوعدوه بالمعاونة.

فمن رأى الفاسد أن ابن عثمان أراد أن يدهم عسكر اللنك على غرة، فسلك بعسكره الجرار في مهامه وقفار ليصير من وراء العسكر ويظفر بهم فسار مُجدًّا فتعبوا ولغبوا وجاعوا وعطشوا، واستمر اللنك سائرًا لا يردّه أحد عن قرية ولا بلد، بل سار بعسكره متمهلا وقد بلغه ما صنعه ابن عثمان من جواسيسه، فتباطأ في مسيره وأراح جيوشه، فاتفق أنهم التقوا فتناجزوا القتال، فانهزم الذين قد خدعهم، وانهزم الباقون بهزيمتهم.

وكان ملتقاهم بمدينة "أنقرية (٢) "، فسار سلمان بن أبي يزيد بن عثمان إلى جهة الساحل وركبوا البحر إلى قسطنطينية وقُبض على أبيه ابن عثمان فأُحضر بين يدى اللنك فلامه وعنفه واستمر معه في الأسر، وكانت الوقعة في ذي الحجة من هذه السنة.

* * *

وفيها أرسل تمرلنك من عنده إلى صاحب ماردين بكتاب يرسله صحبة من يثق به من عنده إلى القاهرة، ثم أرسل رسلًا في البحر من بلاد الروم، منهم مسعود (٣) الكججاني يستنجد إرسال أطلمش ويهددهم - إن لم يرسلوه - بقصدهم، فوصل إلى دمشق رسول صاحب ماردين وهو بدر (٤) الدين محمد بن تاج الدين حسين بن بدر الدين


(١) في هامش هـ بخط الناسخ "لعله ابن أويس".
(٢) هكذا في الأصل ويريد بها أنقرة.
(٣) انظر ترجمته فيما بعد في وفيات سنة ٨٢٢ هـ، والضوء اللامع ١٠/ ٦٢٣.
(٤) في هامش هـ: "من ذرية الشيخ عبد القادر".