للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم فوّض إِليه جميع أمورها فكان الأَميرُ والناظر (١) من تحت يده (٢)، وكان محبًّا للغرباء مفرطًا في الإِحسان إليهم مُحَبّبًا إِلى الرعية.

اجتمعْت به وسرّنى كثيرًا لأَنه كان صديق خالى قديمًا، وبالغ في الإِحسان إِليّ، وكان زيدّي المعتقد لكنه يُخفى ذلك.

مات في ليلة عيد الفطر وقد جاوز الستين.

٧٨ - على بن يوسف بن مكي بن عبد الله الدميري ثم المصري، نور الدين بن الجلال (٣)، أَصله من حلب، وكان جدّه مكى يُعرف بابن نصر، ثم قدم مصر وسكن دميرة (٤) فوُلد له بها يوسف فاشتغل بفقه المالكية ثم سكن القاهرة، وناب عن البرهان الإخنائي وعُرف بجلال الدميري، ووُلد له هذا فاشتغل حتى برع في مذهب مالك،، ولم يكن يدرى من العلوم شيئًا سوى الفقه. وكان كثير النقل لغرائب مذهبه شديد المخالفة لأَصحابه إِلى أَن اشتهر صيته بذلك.

وناب في الحكم مرة ثم ولى القضاء استقلالًا في أَوائل سنة ثلاث، وعيب بذلك لأَنه اقترض مالأ بفائدةٍ حتى بذله للولاية، وكان حنق من ابن خلدون في شيء فحمله ذلك على هلاك نفسه بما صنعه مِن بذْل الرشوة ليلى الحكم، وكان منحرف المزاج (٥) مع المعرفة التامة بالأَحكام، واتفق أَنه حضر مع القاضي صدر الدين المناوي مجلسًا فعارضه في قضية. فغضب الصدر وجبهه بكلام فاحش فتأَثرَ منه ولم يقدر على أَن يجاوبه، فحصل له انكسار


(١) عبارة "والناظر. الإحسان إليهم" في السطر التالي غير واردة في ز.
(٢) "أمره" في هـ.
(٣) "الخلال" في عقد الجمان، ورقة ١٥٩، و "الحلال" في السلوك، ورقة ٣٣، والصحيح من أثبتناه بالمتن.
(٤) دميرة من مركز طلخا، وقد وردت في القاموس الجغرافي لمحمد رمزي ج ٢ ق ٢ ص ٨٦ بأنها من القرى القديمة واسمها الرومي Rasdionist والقبطي Tamiri، وكانت تسمى أيضًا باسم "الأوسية".
(٥) في ز "المجاز"، ولكنه "المزاح" في عقد الجمان ١٦٠. الإعلام لابن قاضي شهبة، ١٩٠ ا.