للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى ثالث عشر شوال جُرّدت (١) الأُمراء إِلى الصعيد بسبب يلبغا المجنون، وكان مملوكه وصل منه بكتاب يسأَل فيه أَن يكون نائبَ الوجه القبلي ويتدارك (٢) بجميع الأُمور فلم يُجب سؤاله، ثم ورد كتاب والى الأَشمونين يخبر فيه أَن محمدًا بنَ عمر [الهواري] حارب يلبغا المجنون وكسره واستمرّ في هزيمتِه إِلى أَن اقتحم فرسه البحر فغرق (٣)، فطلعوا به ميتا وقد أَكل السمك وجهه، ثم أُشيع أَنه لما انهزم من المعركة لم يُعرف له خبر.

وفي رابع عشري شوال استقر شمس الدين البَجَانِسى فى الحسبة عوضًا عن جمال الدين بن عرب، وكان جمال الدين استقرّ في غيبة السلطان في عاشر شعبان عوضًا عن تقي الدين المقريزي.

وفى يوم الجمعة رابع عشري شوال وقعت بالقاهرة ضجة عظيمة وقت صلاة الجمعة بسبب مملوكين تضاربًا فشَهرا السيوف، فشاع بين الناس أَن الأُمراءَ اختلفوا وركبوا، فهرب الناس من الجوامع، ومنهم من خفَّف الصلاة جدًا، وراح لهم في الزحمة عدة عمائم وغيرها، وخطفوا الخبز من الحوانيت والأَفران، فبادر ابنُ الزين الوالى وأَمسك جماعةً من المفسدين فشهّرهم بعد الضرب، ونادى عليهم: "هذا جزاءُ من يسكر ويكثرُ فضوله". وسكنت القضية ثم نودي بالأَمان.

وقيل إن أَصل ذلك أَن رجلًا ربط حماره إِلى دكة خشب بجوار جامع شيخون، فجذب الحمار الدكة فنفرت خيول الأُمراء الذين يصلّون بالجامع، وأَقبل ناسٌ من جهة الرميلة فرأوا شدة الحركة فظنّوا أَنها وقعة فرجعوا هاربين (٤)، فتركَّبَت الإِشاعة من ثم إِلى أَن طارت في جميع البلد، ثم خمدت.


(١) انظر المقريزي: السلوك، ورقة ٢٠ ا - ب.
(٢) في ظ، ع "يتدرك".
(٣) أخذ المقريزي: السلوك، ٢٠ ب، بالرواية الأولى فقط.
(٤) فسر المقريزي: السلوك، ٢١ ب، ذلك الخوف بما في نفوسهم من الاختلاف بعد سودون طاز ويشبك.