وفى أَوائل ذي القعدة استقر ابن غراب في نظر الجيش مضافًا لنظر الخاص، انتزعها من القاضى شرف الدين محمد بن محمد بن عبد الله بن أَبي بكر بن الدماميني وكان باشرها بعد جمال الدين العجمي، ولما أُخذت دواته والمزورة بلغ ذلك شعبان محتسب مصر فأَظهر الشماتة ونادى فى مصر بولاية ابن غراب وعَزْلِ ابن الدماميني، وعمَل في ذلك شعرًا مدح به ابن غراب وهجا ابن الدماميني وصبَّح به ابن غراب، فاتفق أَنه في ذلك اليوم استقر الشاذلي في الحسبة وصُرف شعبان.
وفى وسط هذا الشهر وقع الحريق بدار التفاح بالقاهرة فبادروا لإطفائه فلم يحصل منه من المفسدة ماحصل في المرة الأولى قديما.
وفى ثانى عشر ذي القعدة كان المهم المشهور في إصطبل السلطان لأنه كان لعب بالأكرة مع الأَمير الأَتابك أَيْتَمشُ [البجاسى] فغلبَ أَيتمش فأَخرج مائتي أَلف درهم [فضة] ليعمل بها السماط وأَنعم بها السلطان عليه، وأُمِرَ الوزير ابنُ الطوخي والأُستادار يلبغا بعمل المهم فضربوا الخيم بالميدان، وعملوا عشرين أَلف رطل لحم ومائتي زوج أَوز وأَلف طير ودجاج وعشرين فرسًا - وقيل بل كانت ثلاثين، وخمسين قنطارًا من السكر، وسبعين اردبا من الدقيق وعمل بها "بوزة"، وعملت في الدنان وقيل: كان فيها مائة إردب، وأُضيف إليها عشرة قناطير حشيش فطُحِنَت (١) وخلطت بها، وعُمل من الزبيب ستون قنطارا نبيذا، ونزل السلطان فمُد السماط ونهب العوام ما عمل، وصاح فقير تحت القلعة بإنكار هذه الوليمة، فقبض الشريف شرف الدين على ابن قاضى العسكر في نقابة الأَشراف عوضا عن الشريف جمال الدين الطباطبي.