للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفى ذي القعدة كانت الفتنة من عَلِي بايْ الخزندار فانكسر وقُتل، وكان ابتداء ذلك أَن المذكور كان من أَحْسن أَبناءِ جنسه شكلا وقامة، فقدّمه الملك الظاهر إلى أن جعله مقدَّم أَلف وقدمه فى أَكثر الأُمور على غيره، وكان لعلى باى مملوك (١) من أَحبِّ الناس إليه، فاتفق أن بعض الأُمراءِ - وهو أَقباى [الطرنطائي]، وجده عند بعض حظاياه فقَبض عليه وضربه ضربا مبرحا وأَطلقه، فشكاه لسيده، فشكاه سيده إلى السلطان فاعتذر آقباي عما صدر منه لما لحقه من الغيرة فلم يؤاخذه السلطان، فأَضمرها على باى في نفسه وعزم على إثارة الفتنة، فتضاعف أمره، ثم اتفق مع جمع غير كبير على أَن السلطان إذا عاده فتك به فلم يتفق أَن السلطان يعوده حتى أَوفى النيل فنزل للكسر على العادة، وأَشاع أَنَّه إذا رجع عاده - وكان ساكنا عند الكبش (٢) - فلما رجع السلطان بعد الكسر - وكان ذلك في تاسع عشر ذي القعدة - وركب تلقاه شخص من مماليك يلبغا يسمى سُودُون الأَعور - كان رفيقَه فى خدمة يلبغا - فأَطلعه على باطن علىّ باي، [وأرسل (٣) السلطان إلى على باى: أَرسطاى] فأَعلمهم أَن السلطان على عَزْمِ المجئ إليهم فاطمأَنوا بذلك، فمنع السلطان الشاويشية (٤) من النطق، فلما قرب من الكبش نادته امرأَةٌ من فوق دار: "لاتدخل فإنهم بلبوس الحرب"، فجازهم السلطان إلى جهة القلعة، فلما تحققوا أنه توجه عنهم أَعلموا كبيرهم علىّ باى فتغيّظ على الذي أَقامه في الباب لإعلامه هروب السلطان


(١) واسمه "نكباى" وكان شاد الشر بخاناه لعلي باي.
(٢) الكبش وتسمى بمناظر الكبش وهى مجاورة للجامع الطولوني، أنشأها الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل، وكانت من أجل وأحسن أماكن النزهة بمصر كما كانت سكنا لبعض الخلفاء وكثير من كبار أصحاب النفوذ من المماليك، ولكنها خربت زمن الأشرف شعبان بن حسين، انظر في ذلك الخطط ٢/ ١٣٣ - ١٣٤، وأشار المرحوم محمد رمزى في تعليقه على النجوم الزاهرة ١٢/ ٨٢ أنها اليوم في المنطقة التي تشرف من بحريها على شارع مراسينا، ومن غربيها على خط البغالة بقسم السيدة زينب بالقاهرة.
(٣) أضيف ما بين الحاصرتين ليستقيم المعنى ويتفق مع مجريات الأحداث.
(٤) الشاوش، كلمة تركية الأصل "جاوش"، وذكر دوزي في قاموسه.١٨٩. Vol. I p أنها كانت تنطق في العصر المملوكي "جاويش" وجمعها "جاويشية"، وهي مشتقة من الكلمة التركية "جاووش"، ويمتاز الجاويشية بشجاعتهم وقال إنهم يغنون أمام السلطان وأشار إلى مراجعة كتاب Sultans Hist. des Quatremèr des Mamlouks، t. I، pt. ١، p. ١٣٦.