للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٢٥ - عبد الرحمن بن أحمد بن مبارك بن حماد بن تركي بن عبد الله الغزِّى، أَبو الفرج

ابن الشحنة (١) نزيل القاهرة، ولد سنة أَربع عشرة أَو خمس عشرة، وسمع من الدبوسي والوانى والختنى وعلى بن إسماعيل بن قريش وابن سيد الناس وخلق كثير، وأَجاز له ابن الشيرازي والقاسم بن عساكر والحجار وخلق كثير أيضا، وطلب بنفسه وتيقَّظ.؛ وأَخذ الفقه عن التقى السبكي وغيره.

وكان يقظا نبيها مستحضرًا، وكان يتكسّب فى حانوتِ بزّازِ ظاهر باب الفتوح ثم ترك، وكان صالحًا عابدًا قانتًا، وكان بينه وبين أَبى مودّة وصحبة فكان يزورنا بعد موت أَبي وأَنا صغير، ثم اجتمعْتُ به لما طلبتُ الحديث فأَكرمنى، وكان يديم الصبر لى على القراءَة إلى أَن أَخذتُ عنه الكثير من مرويّاته.

وقد تفرّد برواية "المستخرج على صحيح مسلم" لأَبي نعيم، قرأتُه عليه كله، وحدّث بالكثير من مسموعاته، وقال لى شيخنا زين الدين العراق مرارًا: "عزمت على أَن أَسمع عليه شيئًا". مات في تاسع عشرى ربيع الآخر وقد تغيّر قليلا من أَول هذه السنة.

قرأتُ (٢) بخط القاضى تقى الدين الزبيرى وأَجازنيه: "كان لا يدخل في الوظائف، ولما فتح الحانوت في البزِّ كان يديم الاشتغال والعبادة فاتفق أن شخصًا أَودع عنده مائتي دينار فوضعها في صندوق، فنقب اللصوص الحانوت وأخذوا ما فيه، فبلغ صاحبَ الذهب فطابت نفسه ولم يكذب الشيخ ولا اتَّهمه؛ فاتفق أَن الشيخ رأى في النوم بعد نحو ستة أَشهر من يقول له: "إن الذهب الوديعة في الحانوت، فقال: لم أجده في الصندوق فقال: "إن اللص لما أَخذه وقع منه في الدرونة"، فأَصبح فجاءَ إلى الحانوت فوجد الصّرة كما هي قد غطَّى عليها التراب فغابت فيه، فأَخذها وجاءَ إلى صاحب الذهب وقال: "خذ ذهبك" فقال: "وما علمت منك إلَّا الصدق والأَمانة، وقد نقب حانوتك وسرق الذهب فلمَ كلَّفتَ نفسك واقترضت هذا الذهب؟ " فحدّثه بالخبر فقال: "أَنت في حِلٍّ منه"، وامتنع من أَخذه


(١) "الشيخة" في ابن الفرات ٩/ ٤٧٣، وفى ز كذلك، وكذلك فى هـ حيث ضبطها، لكن راجع ابن الفرات، ص ٤٧٣ حاشية رقم ١ والدرر الكامنة ٢/ ٢٢٨٣ حاشية رقم ٤.
(٢) من هنا حتى نهاية الترجمة غير وارد في ظ.