وأن شيوخ مكة ذكروا أنهم لم يروا الحاج أكثر منهم في تلك السنة. وكانت الوقفة يوم الجمعة بلا ارتيابٍ عندهم.
ولكن وقع للشيخ زين الدين القرشي أنه قيل عنه إنه ضحّى يوم الجمعة لأجل شهادة من شهد برؤية هلال ذى الحجة ليلة الأربعاء، فلم يصم يوم الخميس وضحى يوم الجمعة، وشاع عنه أنه أمر بذلك فبلغ القضاة فشقّ عليهم ورفعوا أمره للنائب، فطلبه النائب فتغيّب ثم حضر وأخبر أنه لم يضح، واعترف بأنه لم يصم احتياطًا للعبادة، استدل بأشياء تدلّ على قوة ما ذهب إليه، وخالفه جماعة في ذلك، وانفصل الحال.
وكان استجار بالأمير تمرباي فأرسل إلى القضاة فعفوا عنه، ثم أحضر النقل من مصنف ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعى أنهم كانوا يرون صوم يوم عرفة إلَّا أن يتخوفوا أن يكون يومَ النحر، وأنه أفطر لذلك وأن هذا الأمر يردّ عليه، فعورض بأن الأخذَ بالأثر المذكور يخالف مذهب الشافعي لعدم قوله بصوم يوم الشك من رمضان، ولم يلتفتوا إلى الاحتياط المذكور.
* * *
وفى شعبان انتهت زيادة النيل إلى إصبع من أحد وعشرين ذراعًا.
وفي رمضان استعفى طشتمر الدويدار من نيابة صفد فأُعفى وتحوّل إلى القدس بطالًا.
وفيها استقر محمود شادَّ الدواوين وكان قبل ذلك أُستادارَ سودون باق.
* * *
وفيها حججت مع زكى الدين الخروبى، وكانت الوقفة الجمعة، وجاورنا بها فصليت بالقدس في السنة التي تليها، وقد كنت ختمت من أول السنة الماضية واشتغلت بالإعادة في هذه السنة فشغلنا بأمر الحج إلى أن قدر ذلك بمكة، وكانت فيه الخيرة.
* * *
وفى تاسع شوال صرف بدر الدين بن فضل الله من كتابة السر بمصر واستقر أوحد الدين عوضه فيها، وكان (١) أوحدُ الدين موقعَ برقوق وله به معرفة قديمة فجازاه.