للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسئل ابن العزِّ عما أراد بما كتب فقال: "ما أردتُ إلَّا تعظيم جانب النبي . وامتثالُ أمره أنه لا يُعطى فوق حقه".

فأفتى القاضي شهاب الدين الزهرى بأن ذلك كاف في قبول قوله وإن أساء في التعبير، وكتب خطه بذلك.

وأفتى ابن الشريشي وغيره بتعزيره، فحكم القاضي الشافعي بحبسه، فحبس بالعذراوية ثم نُقل إلى القلعة، ثم حكم برفع ما سوى الحبس من التعزيرات، ونفذه بقية القضاة.

ثم كُتبت نسخة بصورة ما وقع وأُخذ فيها خطوط القضاة والعلماء وأرسلت مع البريد إلى مصر، فجاء المرسوم في ذى الحجة بإخراج وظائف ابن العزِّ، فأخذ تدريسَ العزية البرانية شرفُ الدين الهروى، والجوهرية على الملقب الأكبر، واستمر ابن العزِّ في الاعتقال إلى شهر ربيع الأول من السنة المقبلة.

وأُحدث من يومئذ - عقب صلاة الصبح - التوسل بجاه النبي : أمر القاضي الشافعي بذلك المؤذنين، ففعلوه.

* * *

[و] في الرابع من ذى القعدة طلب ابن الزهرى شمسَ الدين محمدَ بن خليل الحريري المنصفى فعزّره بسبب فتواه بمسألة الطلاق على رأى ابن تيمية، وبسبب قوله: "الله في السماء". وكان الذي شكاه القرشي فضربه بالدرة وأمر بتطويفه على أبواب دور القضاة، ثم اعتذر ابن الزهرى بعد ذلك وقال: "ما ظننته إلَّا من العوام لأنهم أنهوا إلى أن فلانا الحريري قال: كيت وكيت".

حكى ذلك ابن حجى. وهذا العذر دالٌ على أنه تهوَّر في أمره ولم يثبت. فلله الأمر.

ومن أطرف ما حكى عن ابن المنصفى أن بعض الناس اغتمّ له مما جرى فقال: "ما أسفى إلَّا على أخذهم خطى بأني أشعري فيراه عيسى بن مريم إذا نزل".

* * *

وفيها كان الحاج بمكة كثيرًا بحيث مات من الزحام بباب السلام أربعون نفسًا. أخبر الشيخ ناصرُ الدين بن عشائر أنه شاهد منهم سبعة عشر نفسًا موتى بعد أن ارتفع الزحام،