للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واستمرّ البرد.

وفي يوم الاثنين الرابع منه نزلت الشمس الحَمَل، واستمرّت الأيام رطبة، ويأتي الحرّ أحيانا في أثناء النهار وفي أثناء الليل.

* * *

وفي عاشره عقد مجلس بسبب التوجّه إلى البلاد الشمالية من أجل ابن ذلغَادِر وجَاني بك الصوفي، وشاع أن ابن عثمان قصدَ نصْرَتَهُمْ، فاستقر الأمر على أن يتوجّه نواب الشام نجدةً لإبراهيم بن قرمان، ويُطالعوا [السلطان] بما يتجدّد (١).

* * *

وفي يوم الأربعاء العشرين من شهر رمضان خُتِم البخاري على العادة، وكان علاء الدين الرومي سَعَى في مشيخة الشيخونية عوضًا عن باكير (٢)، وأَلَحُّوا على السلطان في أمره، فامتنع وقال: إنه كثير الشرّ ولا يحتمله أهل الشيخونية، وأمر أن يرتب له في الجهات السلطانية مرتبات، وعند القاضي الشافعي في الأوقاف ألف وخمسمائة، وعند الحنفي النصف من ذلك، فلم يقنع بذلك، وشرع في الحطّ على شيخها باكير، فوقع منه قبل مجلس الختم أن بحث في شيء، فتكلّم باكيرُ، فَرَدّ عليه، ثم بالغ إلى أن كفّره، فردّ عليه الشافعي، ووافقته الجماعة، ووافقهم السلطان، فسكت الرومي على مضض، ثم شرع في كتابة أسئلة ودسها إلى السلطان ليجيب عنها الشافعي، فأحضرها بعض الدويدارية وسلّمها للشافعي، فقرأها وقال له: "يطلب الجواب" فذهب ولم يَعُدْ.

فذكر الشافعي (٣) للحاضرين أن أوّل الورقة: "إنَّ أعْلَم أهل هذا المجلس لا يعلم معنى: "قال رسول الله! " وكلاما آخر فيه عجرفة ولحن، فأجمع من سمع ذلك على ذمِّه.


(١) يستفاد من رواية النجوم الزاهرة ١٥/ ٦٢ أنه ورد الخبر بزحف ناصر الدين بك بن ذلغادر ومعه جانبك الصوفي على بلاد ابن قرمان ولم ترد فيه الإشارة إلى انحياز ابن عثمان لهما.
(٢) هو أبو بكر بن إسحق بن خالد الكختاوي الحلبي ثم القاهري الحنفي وقد ذكر السخاوي في ترجمته له بالضوء اللامع ج ١١، ص ٢٦، رقم ٦٩ أنه يعرف بباكير، وكذلك في نفس المرجع ج ٥، ص ٤٢، س ١١. كما أنه سيرد بعد قليل في تعليقات البقاعي على هذا الجزء من الانباء أنه هو باكير. وقد كانت ولادته سنة ٧٧٧ بكختا وولى قضاء حلب على كبر ثم طلب إلى القاهرة حيث استقر شيخ الشيخونية وكانت وفاته سنة ٨٤٧ انظر فيما بعد ص ٢١٨، ترجمة رقم ٢.
(٣) جاء في هامش هـ بخط البقاعي: "جمع شيخنا القاياتي وبعض رفاقه من أولى المعقول عنده غير مرة في خلوة لينظروا له تلك الأسئلة ويسعوا في أجوبتها ليكتبها موهما أنها له فلا ينسب لعجز، فإن الرومي كان يبالغ في تقرير أنه لا يحسن الجواب عنها وثبت ذلك في ذهن السلطان وأكابر دولته وأفحش في اسماع شيخنا السب حتى إنه قال له: "أنت شيخ مفتري، كل ذلك بإغراء العيني مع كون داعيه متوفر على الشر".