للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم في يوم الجمعة الثاني والعشرين من شهر رمضان أمر السلطان بعقد مجلسٍ لسبب منازعة إبراهيم السَفَّارِي مع جهة الحرمين في جزيرةٍ من الصعيد وكانت هي بيد مستحقي الحَرَمَين، وشرف الدين السفاري مستأجرها منهم، ثم ادّعى في سنة أربع وثلاثين من أنها وَقْفُ أبِيه، وسأل في كتابة محضر، ثم بطل ذلك فلما كان في سنة ستٍ وثلاثين بعد موت شرف الدين قام إبراهيم هذا - وهو صهره - فأكمل المحضر المذكور عند المالكي قبل السّفر إلى آمد، فلما عاد العسكر قام المستأجر على الأمراء إلى أن استمرّت في يد مستحقي الوقف.

فلما كان في السنة الماضية سأل إبراهيم السفاري في عقد مجلس فرسم له عند كاتب السرّ، فحضر القضاة الأربعة، فحكم الحنفي بإبقاء الوقف في يد مستحقّي الحرمين، وبإلغاء ما يخالف ذلك، فلما كان في شهر رجب هذه السنة أحضر إبراهيم محضرًا من الصعيد فيه حُكْمُ قاضي "هُو" بأنَّ الجزيرة المذكورة اشتراها السّفاري الكبير من بيت المال ووقفها على ذرّيته، فنفذ ذلك الحنفي وضمنه حكمًا بناه على حكم المالكي الأول، فقام في نقض ذلك زمامُ الدور السلطانية جوهرُ نيابةً عن ناظر الحرمين، وأوصل القصة للسلطان وأوضح له تناقض الحنفي في المسألة، فرسم بعقد مجلسٍ عنده فعُقِد، فلمّا تبيّن له الحال قُطِّع المستند الذي بيد إبراهيم بحضرة الحنفي وغيره، وأبقى الجزيرة المذكورة بيد مستحقّي الحرمين، فلما انفضّ المجلس طلب باكير من السلطان الإذن للشافعي أن يأخذ له حقّه من علاء الدين الرومي، فأذِنَ له في ذلك.

وفي يوم السبت طلب شرف الدين أبو بكر (١) بن إسحق بن علي الملطي شيخ الشيخونية علاء الدين علي بن موسى الرومي (٢) لمجلس الحكم وادّعى عليه أنّه كَفّره في مجلس الحديث بحضرة السلطان والعلماء في يوم الاثنين ثامن عشره، ونسبه أنه قال: "الوجوب والإيجاب متحدان بالذات، مختلفان بالاعتبار" فأنكر الرومي ذلك فخرج الملطي على البيان، ثم عُقِد مجلس بحضرة السلطان في القصر يوم الاثنين خامس عشريه فتنازعا قليلا، فقام الحنفيُّ فأصلح بينهما، وذكر أن ذلك بإشارة من السلطان، وانفصل الأمر على ذلك.


(١) في هامش هـ بخط البقاعي: "هو باكير". انظر ما سبق ٤٨ حاشية رقم (٢).
(٢) سيورد ابن حجر له فيما بعد، ص ٨٤ ترجمة "رقم ٢٤" لا تعدو سطرا واحدا، لذلك نقول: إنه هو علي بن موسى بن إبراهيم بن مصلح الدين الرومي الحنفي، درس على أيدي جماعة من علماء سمرقند وشيراز وهراة، وكان قدومه القاهرة سنة ٨٢٧ حيث أكرمه برسباي، واستقر به في مدرسته المستجدة، ثم ما لبث أن صرفه لوضعه يده على مال كبير لبعض من مات من صوفيتها وكان ذلك سنة ٨٢٩ فتوجه معزولا للحج، ثم سافر إلى بلاد الروم ثم عاد وولى الشيخونية، وكانت به خفة وطيش ومرارة لسان. انظر ابن تغري بردي (طبعة بوبر) ٦/ ٨٥١.