للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

اللّسان، وحضر في المجلس الثاني القاضي علم الدين البلقيني بسعي شديد منه في ذلك، وكان يظنّ أن الأمر على العادة ليشغب كعادته، فوجدهم لزموا السكوت، فلما كان في المجلس الثالث وقع في الليل مطر غزير، فكثر الوحل في الطرقات.

* * *

وفيه استقرّ إينال الأجرود أمير صفد عوضا عن يونس، وأن يقيم يونس بطالا بالقدس، واستقر قراجَا شاد الشرابخاناه في إمرة إينال، واستقر إينال الخزندار شَاد الشر بخاناه، واستقر علي باي خزندارًا عوضًا عن إينال. وهذان الشابان نشآ عند السلطان نشأة حسنة، فأحبّهما وقَرّبَهُما ومَوَّلهما، فصار لهما الجاه والحرية الوافرة، وكان لهما بعده ما سنذكره في الحوادث.

* * *

وفي شعبان نودي بأن يجتمع الذين قُطِعَتْ أيديهم (١) من الذين كانوا رفقة سليمان ولد ابن عثمان، فاجتمعوا ظنا منهم أنه ينفق فيهم توسعة في رمضان، فجعل كل اثنين في قرمة خشب، (٢)، وأنزلوا في مركب إلى البحر لينفوا إلى بلاد الروم، فكثر ضجيجهم ودعاؤهم، ولله الأمر.

وفي عاشر رمضان جاءت أخبار من جهة ابن عثمان ومن جهة جانبك الصوفي فعزم السلطانُ على السفر.

* * *

واستهل رمضان ليلةَ الجمعة بعد أن تراءوه فلم يتحدّث أحد برؤيته، وأوقد غالب أهل البلد المنائر بغير رؤية، فنودي لهم بإطفائها، فأصبح الناس فأفطر الكثير منهم، ثم أرسل السلطان ثلاث أنفس من المماليك ذكروا أنهم رأوا الهلال، فلما تسامع الناس بذلك بادروا فما تعالى النّهار حتى ثبت عند ثلاثة من الحكام، ونودي بالإمساك.


(١) راجع ما سبق. ص ٤٢.
(٢) ذكر لي الأستاذ شلتوت أنه لم يتيسر له تفسير واضح لهذه الكلمة وقال لعل المراد أن كل اثنين ربطا بأيديهما إلى قطعة خشب قصيرة بمثابة القيد حتى أنزلوا إلى السفينة.