للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى شهر رجب اجتمعت طائفة من عرب بني حرب ومنازلهم حول عُسْفان بعد أن كانوا متفرقين في أعمال [الحجاز] (١)، فنبهوا غنما لبعض أهل مكة فقبض ابن عجلان على الغنم وردها لأصحابها وأنكر عليهم، فاعتذروا بأنهم اتفقوا مع والده حسن بن عجلان أن لا حَرَج عليهم من قبله فيما يفعلونه فى غير الحرم، فأنكر ذلك وأمر بالغارة عليهم، فخرج إليهم طائفة من أهل مكة فيهم أخوه على بن حسن ووزيره شكر (٢) وميلب بن على بن مبارك بن رُمَيْثَة، وخرج أرنبغا مقدّم المماليك المقيمين بمكة من قبل سلطان مصر ومعه عشرون مملوكا -وذلك فى الثالث عشر من شهر رجب- فأوقعوا بهم فقتلوا منهم طائفةً وانهزم الباقون، واستاقوا إبلا كثيرة. واشتغل من غلب بالنهب فكمن لهم بعض من انهزم في مضيق فأخذوهم على غرة فقُتِل مَيْلَب وفرّ أرَنبغا، وقتل من أهل مكة نحو الثلاثين، ومن الترك ثمانية أنفس ونهب جميع ما معهم، ودخلوا مكة فى أسوأ حال وفاز العرب بالغنيمة وتوجهوا إلى بلادهم فصادفهم وصول الوزير ولى الدين بن قاسم ويلخجا الذي استقر شادًا على البهار بجدة، فبلغهم طرف من القصة فأخذوا حذرهم، فمروا بمكان الوقعة. ودفنوا بعض القتلى. وتوجهوا خائفين فلم يلقوا أحدًا ودخلوا مكة سالمين في أول يوم من شعبان، فتوجه أرنبغا ومن بقى معه الترك إلى القاهرة فدخلوا فى أوائل العشر الثاني من شهر رمضان وذكروا أنه وصل إلى مكة ناس من التجار ومعهم بضائع من قبل شاه رخ بن اللنك أمر ببيعها بمكة، وتفرقَةِ ثمنها صدقه على من عينه من أهل مكة، وذكروا أن المتكلم على البضائع من قبل سلطان مصر أساء عشرتهم وأخذ منهم عُشور ما معهم، وكاتب السلطان يستأذنه في تمكينهم من بيع ما أحضروه ومن تفرقته.

* * *

وفي السابع من شهر رمضان قُرر خليل -الذي كان نائب الاسكندرية- في الوزارة، وصرُف تاج الدين بن الخطير، وكان قد أظهر العجز، فاتفق أن لحم المماليك الأجلاب تأخر فرجموه (٣)، فسعى فى الاستعفاء، فأناط (٤) السلطان الأمر بناظر الجيش فتروى في الأمر، ثم قرر هذا فباشر دون الشهر، ثم عجز وقصر فَتَغَيَّظ السلطان، فتلافي ناظرُ الجيش الأمر


(١) فراغ في نسخ المخطوطة. وقد اضفنا ما بين المعقوفتين من نهاية الأرب في معرفة انساب العرب للقلقشندي. ص ٢٣٢ عند إشارته إلى قبائل بنى حرب. وذكر أن بعضهم كان يقطن الحجاز. انظر ايضا معجم قبائل العرب لكحالة. ونسب حرب للبلادى ص ١٥ - ٤٢.
(٢) في الأصول "سليمان" والتصويب من اتحاف الورى ٤/ ٩١.
(٣) المقصود بهذا ان المماليك الاجلاب رجعوا ابن الخطير.
(٤) هكذا في الأصل وقد علق البقاعي على هذا في هامش "ز" بقوله: "ناط: متعد بغير همزة. فلا يقال اناطه".