للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى خرّبها ونهب ما بها من الأموال، وأفحش فى القتل والسبى، فهرب خليل واستنجد بشاه رخ فخرج فى نصرته، وظفر اسكندر ببنت خليل وامرأته فوقفها في البغايا وألزم كل واحدة منهما أنْ تمكن خمسين رجلًا يزنون بها، جزاء بما فعل معه خليل.

وكان خروج رخ في ربيع الأول فنزل على قزوين فى رجب، وأمر فيروز شاه أمير الأتراك أن ينزل ويتوجه إلى البلاد ما بين قزوين إلى السلطانية (١) إلى تبريز وسائر العراقين، وينادي بعمارة ما خرب من البلاد، وزراعة ما تعطل من الأرض وغرس البساتين، وحط الخراج عمن زرع إلى خمس سنين، وإعانة الزراع والفلاحين بالبذور والمال، فلما بلغ أصبهان بن قرا يوسف خبره راسل شار رخ بأنه في طاعته فكف عنه، ثم أرسل شاه رخ ولده أحمد إلى ديار بكر (٢) فى ذى الحجة، وأقام على قراباغ (٣) وجد في عمارة تبريز وأظهر العدل، إلى أن كان ما سنذكره في السنة المقبلة.

* * *

وفى هذا الشهر نزلت الشمس برج الحمل في يوم الأحد ثالث عشرى شعبان في النصف من برمهات من أشهر القبط، وانقضى فصل الشتاء والبرد أشدّ مِمَّا كان حتى كان كنحو الذي كان في طوبة من أشهر القبط، وهو كانون من أشهر الروم، ثم بعد ثلاثة أيام هجم الحر دفعةً واحدةً، فدام على ذلك سبعة أيام، ثم عاد البردُ على حاله واستمر في رمضان، إلّا أنه فى العشر الأخير منه تناقص ووقع بعضُ الحرّ.

وفى يوم الخميس سادس عشري شعبان برز الأمراء -المقدمة العسكر المجردين إلى حلب- إلى الريدانية، وخرج آخرهم يوم الجمعة. وهم سبعة أمراء فيهم: الأتابك والدويدار الكبير والحاجب الكبير، فتوجهوا، فلما استهل شهر رمضان أشيع خروج بقية العسكر مع السلطات، ثم فتر العزم.


(١) السلطانية من المدن الكبرى التي أنشاها المغول، وقد بدأ ارغون خان في وضع أساسها، ثم كان تمام إكمالها على يد "الجايتو" سنة ١٣١٥ م، واصبحت عاصمة للدولة الإيلخانية نظرا لاتساعها وكثرة عمرانها ومرافقها، وكانت هناك تسع مدن تدخل في نطاقها، كما كان يوجد على مشارفها بعض القلاع التي تجيئ الطرق المؤدية إليها والخارجة منها، كما كانت هي الأخرى على ملتقى عدة طرق، وقد جعلها المستوفى بداية تحديده الجغرافي، ولهذا علق لى سترانج في بلدان الخلافة الشرقية، ص ٢٦٣ على ذلك بقوله: ان المستوفى فى وصفه الممالك بدلا من أن يبدأ من بغداد ويشرق منها وصف الطرق مبتدئا بها من السلطانية باتجاهها إلى بغداد".
(٢) هي أحد أقاليم ثلاثة نزلتها ثلاث قبائل عربية قبل الاسلام وهى قبائل بكر وربيعة ومضر، أما ديار بكر هذه فكانت تسقيها روافد دجلة ولكنها كانت في الواقع أصغر من ديار مضر وربيعة وكانت عاصمتها "آمد، انظر في ذلك لي سترانج، بلدان الخلافة الشرقية ص ١٤٠.
(٣) سبق التعريف بها، راجع حاشية رقم ٣ صفحة ١١.