للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تركها (١) واشتغل بالعبادة وانقطع في خلوةٍ بسطح الجامع الحاكمي، وتصدّى للإِسماع في أواخر زمانه ومع ذلك فلم يحدِّث بجميع مسموعاته لكثرتها، وكان يرُدّ على كبار المحدثين حال قراءتهم عليه ما يقضون العجب من استحضاره مع طول بُعدِ العهد، وقد اشتهر عند المصريين "بالشيخ عبد الله اليمني" - وكان ينكر على من ينسبه لذلك -، وعند المحدثين "بابن خليل"، وقد ذكر بعضُ أَصحابه أَنه أَعطاه دراهم قال: "فاشتريت بها ورقًا فما كتبتُ في شيءٍ منه في حاجة إلّا قُضِيَتْ".

وكان يحب سماع غناء العرب الذي كان يقال له قديما "النصب"، وأَضرّ بآخره.

قرأت بخط القاضي تقي الدين الزبيري وأَجازنيه: "كان محدثا فاضلًا فقيها نظّارا بحاثا ذا قدم راسخ في العلم، تهرع إليه الملوك فمَن دونهم، وعنده نفور (٢) من الناس، ودُفن بتربة تاج الدين بن عطاءِ بالقرافة"، وأَرّخه سنة خمس وسبعين غلطا فإِنه مات في جمادى الأُولى من هذه السنة، وشهد جنازته مَن لا يحصون من الكثرة.

٣٧ - عبد الرحمن بن سعادة بن إبراهيم الحُسباني يعرف بعُبَيد، كان أَحد الفقهاءِ بالشام، تفقّه بالقدس على تقي الدين إسماعيل القلقشندي وصار يستحضر كثيرًا، ومات في رمضان.

٣٨ - عبد العزيز بن عبد الله الواعظ الرومي القيسري، قدم دمشق وولي مشيخة السميساطية فلم يتمكّن من مباشرتها لضعفه ومات في رجب، وكان ماهرًا في العربية.

٣٩ - عجلان بن رُمَيْثَة بن أَبي نُمَيّ بن أَبي سعد بن علي بن قتادة بن إدريس بن مُطاعن بن عبد الكريم بن موسى بن عيسى بن سليمان بن عبد الله بن موسى بن الحسن بن الحسين بن علي الحسيني عز الدين: أَميرُ مكة، وليها شريكا لأَخيه ثَقَبَة سنة أَربعٍ وأَربعين عوضا عن أبيهما، ثم استولى عجلان على حلي سنة ثلاث وستين، وكان ذا عقل وسياسة، واقتنى من العقار والعبيد شيئًا كثيرًا، وكان يحترم أَهل السنة مع اعتقاده في الزيدية (٣)؛ وفي أيامه عُوّضَ عن المكس الذي كان يأخذه عن المأكولات بمكة بأَلف إردب قمح تُحمل له من مصر.


(١) في ز، هـ "تركه" هذا وقد ذكر ابن حجر في الدرر الكامنة، شرحه، أن مشيخة الخانقاه الكريمية ظلت بيد المترجم حتى وفاته.
(٢) في ز، ع "نفر" وفي هـ "نفرة".
(٣) زاد أَبو المحاسن في النجوم الزاهرة ١١/ ١٣٩ على ذلك بأن قال إنه كان بخلاف أبائه وأقاربه يحب أهل السنة وينصرهم على الشيعة، وربما كان يذكر أنه شافعي المذهب، وهذا نادر في السادة الأشراف فإن أغلبهم زيدية يتجاهرون بذلك.