وفى أَوائله عَصى إِينال نائبُ صفد وأَطلق المسجونين بها وهم: جلبان أَمير آخور وإينالٌ الجَكَمى رأس نوبةٍ كان ثم نائب حلب، ويشبك الإينالى الأُستادار، وَوَجَد بصفد نحو مائة أَلف دينار فتقوَّى بها وأَرسل كُتُبَه إلى الأُمراء فلم يوافقْه مَن بالقدس فأَرسلوا كِتابُه إلى مصر فكوتب مقبل الذي كان دويدارًا وقُرر - بعد قتل جقمق نائب الشام - أَميرًا بدمشق بأَن يتوجّه إلى صفد نائبًا بها، وكوتب نائبُ الشام بَجمْع العساكر والتوجّه إلى صفد.
فلما كان في العشر الأَوسط من رجب أَوقع إِينال نائب صفد بالأَعراب فكسروه، ففارقه الأُمراءُ المسجونون - وكان أَطلقَهم - فتوجّهوا إلى دمشق طائعين، ثم أَراد تغرى بردى الكبكي الوثوب بنائب دمشق ففطن له مقبل واتَّهم الأُمراء - الذين جاءوا طائعين - بالخديعة في ذلك، فقبض عليهم ثم أُطلق جلبان وسُجن الآخران.
* * *
وفى هذه السنة كان المطر والبرد بالحجاز شديدا وأَمطرت السماء بنواحى صفد بردًا بلغ وزنُ واحدةٍ ثلاثين رطلًا بالمصرى، ووُجدت على باب بعض البيوت منها بردة لابِدَة مثل الثور.
وفى الثالث والعشرين من شهر رجب وصل قاصد النائب بالإسكندرية ومعه قاصدٌ من صفد بكتابٍ إليه يستدعيه، فقُبض على قاصد نائب صفد وخُلع على قاصد نائب الإِسكندرية، واستمرَّ مقبل - الذي استقرَّ في نيابة صفد - محاصِرًا نائبها المنفصل في القلعة إلى شوال، فنزل إِينال بالأَمان فقُبض عليه ودُقَّتِ البشائر بالقاهرة، وأُرسل بسجن الزين ابن العسّال - وكان قد ولى كتابةَ السر بها ونظرَ الجيش - فضُرب بالمقارع بحضرة السلطان لكونه كَاتَبَ عنْ نائبها إلى نائب الإِسكندرية وأُمر بقَطْع يده، فشُفِع فيه.
وصادف زيادة النيل في ذلك اليوم ثالث عشرى رجب عشرين إصبعا فسُرّ الناس به وتباشروا بالرخاء والأَمْن، ثم نودى عليه في ثامن عشرى رجب خمسين إصبعا، وفى