للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي جمادى الأُولى جَهَّز الأَشرف إلى مكة مقبلا القُدَيْدى بسبب عمارةِ مَاوَهَى من المسجد الحرام، وطلب من القاضي الشافعى ما كان القاضي جلالُ الدّيْن البُلْقِيني ذَكر للمؤْيّد أنه تحصّل عنده من ذلك - وهو سبعة آلاف دينار - فكشف القاضي الشافعيُّ عن ذلك فوجد المحضر (١) بعمارة الحرمَيْن قَدْرَ أَلْفَيْ دينار أَو يزيد قليلا، وباقى ذلك لعدة جهاتٍ من أوقافَ وغيرها كانتْ مودَعةً تحت يد الجلال، فلم يقبل الأَشرف ذلك وأَلزم المباشرين على الأَوقاف المتعلِّقة بالحرمين بذلك، فلاذوا بالقاضي فأَذن لهم في الاقتراض، ثم ضاق بهم الأَمر فتعلَّقوا على ورثة جلال الدين فاستُعيد منهم أَلفُ دينار كان والدُهم أخذها من مال الحرَمَيْن على أَنَّها مِنْ مَعْلُومِه، وكان أقام مدة طويلة لا يتناول من مال الحرمين معلومًا، فشهد عليه القاضى علاء الدين الحنبلي أَنه كان تبرّع بذلك.

* * *

وكان نائب دمشق تنبك ميق ونائب حلب تغرى بردى، ونائب حماة تاني بك البجاسي، ونائب طرابلس أَركماس (٢) الجلبانى ثم صُرف واستقر بعده تنبك البجاسي، ثم هرب تغرى بردى من حلب إلى بَهسْنَا، وتحصّن بقلعتها كُزُل الذى كان هرب من المؤيد إلى مَلَطْية، ونقل البجاسي إلى نيابة حلب، وتولى نيابةَ حماةَ جارْقُطْلو.

وفيه صُرف تاجُ الدين بنُ شرفِ الدين بن تاجِ بن نصْرِ الله من نظر الخزانة السّلطانية وغيرها، وأُعيد ذلك لزين الدين عبد الباسط، فكانت ولايةُ شرفِ الدّين المذكور لذلك نحو سبعة أَشهر، وانصرف غير مشكورٍ لبَأْوٍ كان فيه ودعوًى عريضة.

وفى الثَّامن من جمادى الأُولى نُودِيَ أَن لا يباشر نصرانيٌّ في ديوان أَحدٍ من الأُمراء، ثم انتقض ذلك بعد مدّة، وكذا كان ضُيِّق عليهم في الأَيّام المؤيديّة ثم تراجعوا قليلا قليلا.


(١) في هـ: "المختص".
(٢) المعروف أن أركماس الجلباني المتوفى سنة ٨٣٨ كان متوليا إمارة طرابلس في عهد ططر ثم خلع عنها بتنبك البجاسي، انظر النجوم الزاهرة ٦/ ٥٣٥.