للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الثالث عشر من شعبان برزت العساكر الذين أمروا بالإقامة بحلب لحراستها خشيةً من طروق قرا يوسف، وهم: أَلطَنْبُغَا القُرْمُشى الأتابك وطُوغَان أمير آخور وألْطَنْبُغا الصغير رأْس نوبة وشِرْبَاش قَاشِق وجُلْبَان الأرغونْ شَاوى وألطنبغا المرقبي الحاجب وأزدمر النائب، وسُفّروا في نصف شعبان.

* * *

وفي هذه السنة توجه قرايلك إلى أرزنكان وبها ابن عمر نائبًا من جهة قرا يوسف، إلى أن قبض عليه وعلى أربعة وعشرين نفسا من أَهله وأولاده، وقَتل من عسكره ستين رجلا وغنم شيئًا كثيرا ورجع منصورا، فبلغ ذلك قرا يوسف فاشتد غيظه وصَمَّم على قصد البلاد الشامية.

وكان السبب في ذلك أن ابن عمر المذكور كان وقع بولد قرا يلك فقبض عليه قرا يوسف فقتله، فبلغ ذلك قرايلك فحنق منه وطرقه فى بلده حتى قبض عليه وجهزه إلى قرايلك ابن عمه المذكور وأرسل برأسه إلى القاهرة، فوصل بها قاصدُه في أول شعبان فوقع الشروع بالتهيّؤ للسفر، وكُتبت محاضر بكفر قرا يوسف وولده وأُثْبِتَت على القضاة، وكان القائم في أمرها صدر الدين بن العجمي قبل عزله فعُزل ولم يتم أمرها، فتولى أمْرها كاتبُ السر وطِيف بها على مشايخ العلم فكتبوا في ظاهرها بتصويب الحكم المذكور، ولَطُف الله تعالى أنّي وافقْتُهم بالكتابة بعد إلزام السلطان لي ثم كاتبِ السر بذلك، فالتزمتُ ولكن قدَّرَ الله بلطفه أننى ما كتبت في ذلك شيئا إلى الآن، فجُمع في رابع شعبان القضاة والأمراءُ وقرئت عليهم الفتاوى، فسأَلني السلطان عن سبب امتناعي عن الكتابة فاعتذرت بأنّهم بدءُوا بغيرى، فأَشار إلى كاتب السر أن يكتب نسخةً جديدةً ويرسلها إلىّ، فغالطت بذلك ولطف الله مرة بعد أُخرى، ونزل القضاة في ذلك اليوم وبين يديهم بدر الدين البرديني (١) فقرأ -من ورقة- استنفارَ الناس إلى قتال قرا يوسف وولده وتعديد قبائحهما، فاضطرب الناس.


(١) هو البدر حسن بن أحمد بن محمد البرديني ثم القاهرى، وسيترجم له ابن حجر في إنباء الغمر وفيات سنة ٨٣١.
انظر أيضًا الضوء اللامع ٣/ ٩٥.