للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بقتله، فأَنكر السلطان ذلك وجَزم بأنه اختفى بالمدينة، ثم بَعث ليكشف عن قتله وبحث من أرباب الأَدراك عن ذلك فلم يُوقَف له على خبر، ثم نودى بتهديد من أخفاه وترغيب من أحضره فلم يفد ذلك شيئا، واستمر مفقودَ الخبر.

فلما كان في أواخر الشهر أُشيع أنه أرسل إلى أهله كتابًا يخبرهم فيه أنه فرّ من خوفه على نفسه واختفى، وتوطن خاطرهم عليه وأنه فى قيد الحياة، فاطمأنوا لذلك وشاع الخبر، فطُلب زوج ابنته الذي نُقل عنه أنه قرأ الكتاب، فأُحضر إلى السلطان فاعترف بقراءة الكتاب، فسئل أن يُحضر الكتاب فادّعى أنّه رماه في البئر، فغضب السلطان منه وأمر بضربه فضُرب تحت رجليه واعتُقل، وتحقق الناس أن ابن العجمي في قيد الحياة إلا اليسير منهم فتمادوا على غيهم ونسبوا ابن البارزى إلى أنه اختلق الكتاب ودسّه على أهل ابن العجمي، وحَقق أمْرُ حياته اطمئنانَ أهله بعد ذلك الجزع المفرط وبالغوا في الطمأْنينة حتى أدخلوا بعض بناته على زوجها.

* * *

وفي العشرين من رجب استقر صارم الدين إبراهيم بن الوزير ناصر الدين (١) بن الحسام في الحسبة ملتزما بألف دينار يحملها للخزانة، فباشر -وهو بزيّ الجند- ولم تشكر سيرته، وأساءَ الناس الظن بابن البارزي لسؤ اختياره لهذا، لأنه هو الذي قام بأَمره في ذلك بعد أن كان زين الدين الدميرى قد تعيّن لذلك.

وفي حادى عشرى رجب توجه السلطان إلى الآثار فزاره وبرّ من هناك من الفقراء، ثم توجه إلى المقياس فأَمر بهدم الجامع المجاور له وتَوْسيعه، وكان أمَرَ بتجديد الميدان الناصري مقابل الجزيرة الوَسْطانية، فشرع الوزير في تجديده وصَرف عليه مالًا كثيرًا، فتوجه السلطان فبات به ليلة، وفي صبيحتها -وهو ثالث عشرى رجب- قدم بدر الدين العبي من بلاد ابن قرمان.

* * *


(١) أمامها في هامش ث بخط السخاوى وإن لم يكن لذلك الكلام موضع هنا: "هو القاضي ولى الدين السنباطي الذي صار قاضي المالكية بالديار المصرية بعد ذلك. نعم الرجل دينا وتواضعا وصلاحا. قاله العينى".