للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبعةَ أيام، فنودي في الناس بصيام ثلاثة أيام ثم خرجوا إلى الصحراء يستسقون، فاجتمعوا ونزل السلطان والقضاة والمشايخ وكثر الجَمْع جدًّا، وحضر السلطانُ راكبًا بمفرده فجلس على الأرض، فصلى بهم القاضى ركعتين كهيئة صلاة العيد، ثم رقى منبرًا وُضع له هناك فخطب خطبتين حَثّ الناس فيهما على التوبة والاستغفار وحذّرهم ونهاهم، ثم تحوّل فوق المنبر والسلطان فى ذلك يبكى وينتحب، وقد باشر في سجوده التراب بجبهته، ثم ركب السلطان والعامةُ محيطةٌ به، فدعى له بعضهم بالنصر فقال: "سلوا الله فإنما أنا واحد منكم! ".

واتفق أن نودى على النيل في صبيحة ذلك اليوم بإثنى عشر ذراعا، فتباشر الناس بإجابة دعائهم، فاتفق أنّ السلطان سبح فى النيل وهو مقيم في بيت كاتب السر الذي على شاطئ النيل فنودى من الغد بزيادة ثلاثين إصبعا فاستبشر الناس بذلك وقالوا إن ذلك ببركة السلطان، فسمع بذلك فأنكره عليهم وقال -وأنا عنده أسمع-: "لو عَلِمْتُ بِسبَاحَتي يقع ذلك ما سَبحْتُ، لأن مثل هذا تضل به العامة".

* * *

وفى هذه الأيام أُشيع أن قرا يوسف حاصر ولده محمد شاه ببغداد واستصفى أمواله، ثم تبين كذب ذلك، وأن ذلك -أعْنى قرأ يوسف- كان قد تهيأ للمسير إلى البلاد الشامية فشغله عنها خروج شاه رخ بن تمر.

* * *

وفى نصف رجب أمر السلطانُ مقبلَ الدويدار أن يُلبس صدرَ الدين بن العجمي خلعةً بكتابة سر صفد وأن يُخْرجَه فى الحال، ففعل ذلك وانجمع عن الحسبة وسعى أن يقيم بالقاهرة بطالًا وأن يُعْفَى من كتابة سر صفد، فشُفع له عند السلطان فأُعفى وأُلزم بالتوجه إلى القدس بطالًا، فسار في يوم الثلاثاء ثامن عشره.

فلما كان فى ثالث عشرى رجب وُجد في أول النهار فرس ابن العجمي وفرس غلامه مع بَدَوِيَّيْن فانتُزعنا منهما وأُحْضرتا إلى بيت الأُستادار، فشاع أن ابن العجمي قُتل وخرج نساؤه مشقّقات الثياب نائحات حتى صعدن القلعة وصرَّحْن بتهمة ابن البارزي