للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أَغرى شهاب الدين الإمام ابن أَخي قاضي أَذرعات السلطانَ بالأَكرم فضائل النصراني كاتب الوزير فاستَدْعى به فضرَبه بالمقارع بحضرته وشهّرهُ بالقاهرة عريانا وسجنه، ثم آل أَمره إلى أَن أَمر السلطان بأَن يُقتل فقُتل، فصَغَّر النصارى العمائم ولزموا بيوتهم وضيّقوا أَكمامهم ومُنعوا من ركوب الحُمر بالقاهرة، وإذا خرجوا في ظاهرها ركبوها عرضا، فأَنِف جماعة من النصارى من الهوان فأَظهروا الإِسلام فانتقلوا من ركوب الحمر إلى ركوب الخيل المسومة، وباشروا فيا كانوا فيه وأَزيد منه، وأُلزم النصارى أَن لا يدخلوا الحمّامات إلا وفى أَعناقهم الجلاجل، وأَن يلبس نساؤهم المصبّغات، ولا يمكنوا من الأُزُر البيض، فاشتد الأَمر عليهم جدا وسعوا جهدهم في ترك ذلك فلم يعفوا لتصميم السلطان على ذلك.

* * *

وفي ثانيه قدم أُلْطَنْبُغَا المرقبي والأُستادار أَبو بكر من الصعيد، وقدّم الأُستادار ما حَصَّله من أَموال هوارة فكان مائتى فرس وأَلفَ جمل وستمائة جاموسة وأَلفًا وخمسمائة بقرة، وخمس عشرة أَلف رأْس من الضأْن.

وفي جمادى الأُولى شُرع في عمل الصهريج بجوار خانكاه بيبرس من جهة الملك المؤيد.

* * *

وفيه (١) تغيّر كاتب السر ناصر الدين بن البارزي على محتسب القاهرة صدر الدين بن العجمى بعد أَن كان هو الذي يُقرّبه من السلطان ويسعى له، فأَخذ في أَسباب إِبعاده السلطان وأَعان ابن العجمى على نفسه بلجاجه وتماديه في غيّه، فاتفق أَن السلطان في هذه الأَيام عاوده وجع رجليه، وانضاف إلى ذلك وقوعُ وجعٍ في خاصرته، وكان في كل سنة يتصل عن قرب في قوة الشتاءِ وقوة الصيف، فمنذ عالجه أَبو بكر العجمي اشتد أَلمه أَكثر من كل سنة، فاتفق أَنه استفتى وهو في شدة الوجع عن جواز الجمع بين الصلاتين لعذر المرض، فأَفتاه بذلك بعض الشافعية من خواصّه، فسأَل بعضَ الحنفية


(١) أمام هذا الخبر في هامش ث: "محنة ابن العجمي".