للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي تاسع عشرى شهر ربيع الأَول كسفت الشمس قبل الزوال، فاجتمع الناس بالجامع الأَزهر، فصلَّيْتُ بهم صلاة الكسوف على الوصف المعروف في الأَحاديث الصحيحة بركوعَيْن مطوّلين وقيامين مطوّلين، وكذلك في جميع الأَركان المقصورة وغير المقصورة، ثم خطبْتُ بهم ما يقتضى ذلك بعد أَن تجلت الشمس، والحمد لله.

واتفق وقوع زلزلة في هذا اليوم في مدينة أَرزنكان، هلك بسببها عالمٌ كثير وانهدم من مبانى القسطنطينية شيء كثير، وهدمت قيساريَّةٌ بناها جهة بلاد ابن عثمان وبرصا وما حولها، وهلك بسبب ذلك ناس كثير.

وفي ربيع الأَول ركب المحتسب والوالى فطافا بأَمر السلطان على أماكن الفساد بالقاهرة وأَراقا من الخمور شيئا كثيرا، ومنع المحتسب النساءَ من النياحة على الأَموات في الأَسواق، وعَزَّر طائفةً منهن، وأَلزَم اليهود والنصارى بتضييق الأَكمام وتصغير العمائم، وبالغ في ذلك.

وفيه تشاجر الوزير والأُستادار وتفاحشا، وخُلع عليهما في تاسع عشره والتزما بحمل مائة ألف دينار.

* * *

وفي المحرم قُبض على محمد (١) بن بشارة وذلك أَن السلطان كان أَرسل ناصر الدين محمد بن إبراهيم بن منجك إلى دمشق، وأَمره أَن يحتال على ابن بشارة فراسله إلى أَن ضمن له عن السلطان الرضا، فلمَّا اطمأَن لذلك أَرسل إليه أَمانَ السلطان وحلَّفه له، فأَرسل


(١) أمامها في هامش م بخط البقاعي: "كان ابن بشارة كثير الفساد من قطع الطريق والقتل وكان شجاعا تام الخلقة قوى البدن بحيث حدثني ابن عمتى ناصر الدين محمد بن حسن أنه نزع في قوس له على فرس ليرى به فانشقت الفرس لقوة القوس وشدة نزعها وقوة سواعده، وكان مطرودا من بلاد جبل عاملة، وكان يغير على أطراف البلاد المتعلقة بالمتولى بها من أولاد عمه في كل قليل. فشاع وذاع أنه أغار مرة على عكا فظفر بها بشخص ممن يريد قتله فطعنه فجاءت الطعنة في عنقه فأنقذته وجاءت بين حجرين فتمكنت من الدخول بين اللصاقين، فترك رمحه وذهبت فرسه المطعون فصار معلقا في الجبل، قالوا إن الرمح خرق الحجر. وكان له من قبل هذه الوقائع ما يفوق الحصر، وكان من أعظم المفسدين فقبض عليه على هذا الوجه م سلخ وعمل بوا في هذه السنة؛ وشيخنا المصنف نسى ذكره في وفيات هذه السنة وذكره في وفيات سنة تسع عشرة أو انقلب الورق على الناسخ" ويشير البقاعي في نهاية تعليقه هذا إلى ما ورد من قبل.