في يوم الاثنين ثامن عشر ربيع الآخر، ثم تأَخر ذلك وأمر السّلطانُ بطَلب ابن الدَّيْري من القدس فوصل إليه الخبر، فتجهّز وحضر في الثالث عشر من جمادى الأُولى وهرع الناس للسّلام عليه، ثم اجتمع بالسلطان ففوّض إليه قضاءَ الحنفية في يوم الاثنين سابع عشر جمادى الأُولى وباشرهُ بصرامةٍ ومهابة.
وفى أواخر شعبان استقرّ زين الدين قاسم العلائي في قضاء العسكر وإفتاء دار العدل عوضًا عن تقيّ الدين الجيْتى بحكم وفاته في الطاعون وشغرت الوظيفتان هذه المدة، وكان سعى فيهما شمس الدين القرماني خادمُ الهروى فأُجيب إلى إحداهما ثم غلبه قاسم عليهما.
* * *
وفى ذى الحجة قدمت خديجة زوج ناصر الدين باك بن خليل بن قراجا بن ذلغادر على المؤبّد في طلب ولدها، وكان السلطان استصحبه معه من بلادهم فأكرم مجيئها ورتَّبَ لها رواتب وجَمع بينها وبين ولدها وهذه هي التي تزوّج -بعد ذلك الملك الظاهر جقمق- ابنتها في سنة ثلاث وأربعين، وقدم أبوها طائعًا فأُكرم غاية الإكرام.
* * *
وفي رجب غضب قاضي الحنابلة القاضي علاء الدين بن المغلى (١) من ابن الدويدار الكبير فعزل نفسه ولزم منزله، وكان السبب في ذلك أن حكومةً وقعت إلى الدويدار في جمال الدين الإسكندراني نقيب القاضي، فبعث يطلبه فامتنع قاضيه من إرْساله، فأرسل بعضَ نُوابه يسألُ عن القضية فأفحش القولَ له فأَعاد الجواب، فغضب لاعتماده على كاتب السرّ، فقام كاتب السر في تسكين القضية إلى أن أصلح بينهما، وتَحَيَّل على السلطان حتى أمر له بخلعة فخلعت عليْه بسبب قدومه بعد غَيْبته، وأوهم السلطانَ أنَّه خشى لطول الغيبة أن تكون ولايته بطلت، فأَذن له ولبس الخلعةَ وفرَّره على ولاية القضاء، ومشى الأمر على السلطان في ذلك؛ وذلك كله من جودة تدبير كاتب السّر وقوة معرفته بسياسة الأمور.
وفى شعبان مات أيدغمش التركماني في الاعتقال بدمشق.
(١) راجع ترجمته مفصلة في ذيل رفع الإصر، ص ١٨٩ - ١٩٥.