للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الشهر عشرةَ آلافِ درهم فضة معاليم قضاء وأنظارًا إذا كان رجلا جيدا، فإنْ كان غيرَ ذلك كانَ ضِعْف ذلك، فأصرّ على الامتناع وبالغَ في الاستعفاء؛ فسعى بعض الشاميين لابن زيد (١) قاضي بعلبك فقُرر في قضاء دمشق على ثلاثمائة ثوب بعلبكي.

وفى عقب ذلك قدم نجم الدين بن حجّى القاهرة فأَنزله زينُ الدين عبدُ الباسط ناظرُ الخزانة عنده وقام بأَمره، ولم يزل إلى أن صلح حالُه عند السلطان وأعاده على القضاء في بقيّة السنة، فلبس الخلعةَ بذلك في رابع ذى الحجة، وعاد من كان منكِرًا على كاتبه في الامتناع مادحًا على ذلك، وكان شقّ هذا القدْرُ على كثير من الناس حسدًا وأسفا؛ فلله الحمد على ما أَنعم.

* * *

وفي جمادى الأُولى تقاول فخر الدين الأُستادار وبدر الدين بن نصر ناظرُ الخاص بين يدى السلطان، فأَفضى الحال إلى أنّ السلطان ألزم ناظر الخاص بحمل خمسين ألف درهم.

وفى رجب قَبض فخرُ الدين الأُستادار على شمس الدين محمد بن مرجونة وكان متدرّكا (٢) بجَوْجَر (٣) ثم سعى إلى أن ولى قضاءَها فأَمر بتوسيطه فوسّط وذهب دمُه هدرًا وأُحيط بموجوده فبلغ نحو خمسين ألفَ دينار فحملها إلى السلطان.

وفي ربيع الآخر شعر قضاءُ الحنفيّة بموت ابن العديم (٤) فسعى فيه جماعةٌ وكاد أمرُه أن يتمّ للقاضي زين الدين الأقْفَهْسى بحيث أنه أُجيب، وبَات على أن يُخلَع عليه


(١) هو عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن زيد، شغل وظيفة التدريس والإفناء بدمشق والقضاء ببعلبك ومات سنة ٨٢٧، راجع ابن طولون: قضاة دمشق ص ١٤٩ - ١٥١.
(٢) أي كان رئيس شرطتها.
(٣) أمامها في هامش بخط البقاعي "هذا كان بعد هذه السنة بكثير، فالظاهر أن الذى نقل من خط شيخنا تغيرت عليه الأوراق وتقلبت فكان يضع الشيء في غير محله". أما جوجر، فقد عرفها مراصد الاطلاع ج ١ ص ٣٥٥ - والضبط منه- بأنها بليدة بمصر من جهة دمياط في كورة السمنودية، وجاء في القاموس الجغرافي ج ٢ ق ٢ ص ٨٦ أنها من البلاد القديمة بمركز طلخا.
(٤) راجع ترجمته بالتفصيل في ذيل رفع الإصر.