للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوراة ويسلبون ويأسرون من عثروا عليه «وَكانَ» معروفا في أزلنا اجراء هذا العقاب الذي نوعدهم به في هذه القسوة الصارمة التي لا رحمة فيها ولا شفقة ولا مروءة «وعدا» منا أوحينا به إلى أنبيائهم، وأنذروهم به وخوفوهم غبّه ولم يمتثلوا ولهذا صار «مَفْعُولًا» ٥ واقعا البتة لكونه قضاء مبرما من لدنا لا مردّ له، وكان ذلك كله، وانتهكوا حرماتهم أيضا وسبوا سبعين ألفا منهم، فجعلوهم أرقاء لهم «ثُمَّ» بعد هذا الحادث العظيم الفظيع «رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ» الغلبة والدولة بأن جعلنا لكم السلطة «عَلَيْهِمْ» أي على الذين تسلطوا عليكم وفعلوا ما فعلوا بكم إذ قتل بختنصر واستنقذ المسبيّين من دولته ورجعنا لكم الملك والسطوة في بيت المقدس وحواليه ورجعنا حالتكم إلى أحسن مما كانت عليه قبلا، يدل على هذا قوله تعالى «وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ» زيادة على ما كان عندكم وقويناكم وباركنا فيكم حتى صرتم أكثر عددا وغناء مما كنتم عليه قبل القتل والسبي والنهب «وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً» ٦ جيشا من عدوكم إذ ظهر لنا بعد إيقاع الذل فيكم والصغار عليكم وخلودكم إلى المسكنة وتمادي عدم الرحمة عليكم من عدوكم، أنكم تبتم ورجعتم إلى الطاعة والإيمان وتركتم الإفساد والعصيان وجزمتم على عدم العودة إلى الكفر بنعمنا وذلك كما قيل بعد مائة سنة كما سيأتي بالقصة بعد. واعلموا يا بني إسرائيل أنكم «إِنْ أَحْسَنْتُمْ» في هذه المرة فيما بينكم وبين الله وبين الناس وامتثلتم أوامر الله وأعرضتم عن نواهيه فيما بينكم وبين الله وخلقه من الآن فصاعدا عن إيمان صادق واخلاص وايقان وحسن نية، فتكونوا قد «أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ» لأن فائدة الإحسان تعود عليكم ونفعه خاص بكم «وَإِنْ أَسَأْتُمْ» فيما بينكم وبين الله وبين خلقه، وانتهكتم حرماته ورجعتم على الإساءة الأولى واستمررتم عليها «فَلَها» فلأنفسكم تكون العاقبة السيئة خاصة، جزاء لإساءتكم المكررة ونقضكم عهد الله ورجوعكم إلى ما تبتم عنه، فعليكم من الآن أن تنتبهوا يا بني إسرائيل «فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ» أي عقابها المترتب على رجوعكم إلى المنكرات وعودكم إلى الإفساد في البلاد والعباد، بعد هذه النعمة التي مننّا بها عليكم، فاعلموا أن ما ينزل بكم أشد وأفظع وأكبر من العقاب الأول بدلالة قوله جل قوله وعزتي وجلالي

<<  <  ج: ص:  >  >>