واعلم ان الصبر الجميل هو الذي لا جزع فيه والهجر الجميل الذي لا حسد فيه، والقول الجميل الذي لا فظاظة فيه والنظر الجميل الذي لا إصابة فيه، والمدح الجميل الذي لا حسد فيه، والشكر الجميل الذي لا شكوى فيه الَ»
يعقوب عليه السلام ردا لما وصفوه به من عدم التحمل لمقدورات الله ولما ذكروا مما يؤول اليه حاله إذا بقي كذلكِ نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ»
لا لكم ولا لغيركم والبث الغمّ الذي لا يطيق صاحبه الصبر عليه ولم يبق في وسعه حمله فيفرقه على من يعنيه مأخوذ من إثارة الشيء وتفريقه تقول بثت الريح الترابَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ
٨٦» من عظيم لطفه وكثير رحمته وجليل عطفه، وإني لارجوه ان يرعاني ولا يخيب رجائي، وان يأتيني بالفرح المزيل لما انا فيه من حيث لا أحتسب، وفي هذه الجملة إشارة إلى أنه عليه السلام يعلم حياة يوسف ويتوقع رجوعه، ولهذا قال «يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ» اطلبوا خبرهما بحواسكم ومثله تجسسوا بالجيم، إلا أنه في طلب الشرّ قال تعالى ولا تجسسوا الآية ١٣ من سورة الحجرات ج ٣، وإنما نهى الله عنه لانه من أقبح الخصال، لا سيما إذا كان في عورات المسلمين وبلادهم وإخبار العدو بمواقعهم وعددهم، فهو أعظم من القتل، أي تحروا يوسف الذي قلتم إنه هلك، وأخاه الذي قلتم أنه سرق، ولم يذكر روبيل لانه بقي باختياره في مصر انتظارا لما يفعل بقضية أخيه «وَلا تَيْأَسُوا» تقنطوا فنقطعوا أملكم ورجائكم «مِنْ رَوْحِ اللَّهِ» فرجه ورحمته وفضله وتنفيسه، وهو بالفتح يقال أراح الإنسان إذا تنفس، ثم استعير للفرج وقرىء بالضم اشتقاقا من الرحمة لانها سبب الحياة كالروح وأضيفت اليه تعالى لانها منه أي لا تقطعوا أملكم من حي معه روح الله فان من بقيت روحه في جسده يرجى لقياه فالتمسوه وعليه قول عبيد الأبرص.
وكل ذي غيبة يؤوب ... وغائب الموت لا يؤوب
وقوله وفي غير من وارث الأرض فاطمع، ثم حذرهم ترك العمل بما أمرهم فقال «إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ ٨٧» لعدم