الشمس «بِالْحِجابِ ٣٢» أي غربت ولم تر. وقيل الحجاب جبل دون جبل (ق) بمسيرة سنة تغرب الشمس وراءه وبعض أهل العصر يقولون: ق هو جبل القوقاز وسيقولون غير هذا إذا انكشف لهم غير ما اطلعوا عليه الآن من مكنونات الله تعالى القائل (وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) الآية ٨٥ من الإسراء الآتية وعود الضمير إلى غير معهود إذا كان معلوما جائز. راجع تفسير (إِنَّا أَنْزَلْناهُ) المارة لا سيما وذكر العشى قبله ولما رأى عليه السلام انه اخطأ بتمادي استعراضه لضياع صلاة العصر، قال لحرسه «رُدُّوها عَلَيَّ» فردوا الخيل عليه «فَطَفِقَ» شرع يضربها «مَسْحاً» ضربا شديدا مبرحا «بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ ٣٣» وكان ذلك جائزا في شريعته لأن فيها، من يتسبب بالذنب يعاقب عليه كفاعله، وهذا مخالف لشريعتنا لأن فيها (جناية العجماء جبار) وجاء في التنزيل (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) الآية ٣٨ من النجم المارة ومثلها في الآية ١٨ من سورة فاطر والآية ١٥ من الإسراء الآتية، وفي الآية ١٦٢ من الأنعام، والآية ٧ من الزّمر في ج ٢. وكان في شريعته يجوز أكل لحم الخيل فلا تترك بعد قتلها عبثا، ولأنه يعتبر أن قتلها كفارة لما فرط منه في شريعته، وشكرا لله حيث ردّ له الشمس وأدى صلاته على قول آخر، مروي عن علي كرم الله وجهه، وقد سبق أن ردت الشمس لسيدنا يوشع عليه السلام كما سيأتي بيانه وسببه في تفسير الآية ٢٤ من سورة المائدة في ج ٣.
[مطلب في رد الشمس لسيدنا محمد وغيره:]
وقد صارت هذه المعجزة لسيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم ايضا إذ ردت له الشمس حينما شغله المشركون بحفر الخندق يوم الأحزاب، وصلّى العصر، وهي مشهورة متعارفة، وردت لعلي كرم الله وجهه حينما نام المصطفى في حجره كما روى عن أسماء رضي الله عنها وروى الطبراني في معجمه بإسناد حسن، كما حكاه شيخ الإسلام ابن العراقي في شرح التقريب، ورواه ابن مردويه عن أبي هريرة، وكان احمد بن صالح يقول لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء لأنه من علامات النبوة، وفيه بالغ ابن الجوزي وابن تيمية في عدم صحته حتى عدّاه من الموضوع وهذا هو ديدنهما