للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقتلوا «وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ» وجماعتكم مهما كانت من الله «شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ» فإن الله تعالى عنده أكثر وأكثر مما ترون ومما لا ترون «وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ (١٩) »

لا يتخلى عنهم لأنهم أولياؤه، والله نعم الولي عليهم ونعم النصير. قال تعالي «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ» فيما يأمركم به من الجهاد وغيره، وابذلوا أموالكم وأنفسكم في سبيله «وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ» وتعرضوا عما يأمركم به وتفعلوا ما ينهاكم عنه «وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠) » أي لا تنصرفوا عنه بوجه من الوجوه وحال من الأحوال ما دمتم سامعين هذه الآيات الناطقة بوجوب الطاعة والنهي عن المخالفة، والواو في (وَأَنْتُمْ) للحال،

«وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا» بألسنتهم «سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٢١) » سماع قول إجابة، لأن هذا الصنف من المنافقين المار ذكرهم في الآية ٨ فما بعدها من البقرة فإنهم يقولون آمنا بألسنتهم وهم غير مؤمنين في قلوبهم. ثم ندّد جل شأنه عمّن هذه صفته فقال «إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ (٢٢) » ما يراد بهم ولا يفهمون ما يطلب منهم، لأن من أشر من يدب على الأرض البهائم لعدم معرفتها بما يضرها وينفعها ومن هو لها ومن هو عليها ومن أشرها الذين لا يسمعون الحق ولا ينطقون به ولا يفقهون المعنى ولا يعون المغزى مما يخاطبون به «وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ» أي هؤلاء المنعوتين بتلك الصفات الذميمة «خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ» سماع قبول سماع المصدقين المحبين المنتفعين بحواسهم، لكنه تعالى لم يعلم الخير فيهم من قبل، ولهذا قال «وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ» بواسطة رسوله بعد أن علم أن لا خير فيهم وأنهم لم ينتفعوا بما يسمعون لأنهم خلقوا أشرارا ولا يتوخى منهم إلا الشر، ولذلك لو فرض إسماعهم «لَتَوَلَّوْا» عنه ولم يلتفتوا إليه «وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) » كأنهم لم يسمعوا شيئا، نزلت هاتان الآيتان في نفر من عبد الدار بن قصى كانوا يقولون نحن صم بكم عمي عما جاء به محمد، وكانوا يقولون يا محمد أحيي لنا قصيا فإنه كان شيخا مباركا حتى يشهد لك بالنبوة فنؤمن بك، فأخبر الله تعالى أنهم لا يؤمنون، ولو أحيينا لهم قصيا وأمرهم بالإيمان بمحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>