مات بشر بن البداءة بن معمر وجدت عليه أمه وجدا شديدا وقالت يا رسول الله لا يزال الهالك يهلك من بني سلمة فهل تتعارف الموتى فأرسل إلى بشر بالسلام؟
فقال صلّى الله عليه وسلم نعم والذي نفسي بيده يا أم بشر إنهم ليتعارفون كما يتعارف الطير في رءوس الشجر. وكان لا يهلك هالك من بني سلمة إلا أرسلت معه أم بشر السلام إلى ابنها. وجاء في حديث آخر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إن نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها أهل الرحمة من عند الله كما يتلقى البشر أهل الدنيا، فيقولون أنظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب شديد، فيسألونه ماذا فعل فلان، وماذا فعلت فلانة، وهل تزوجت فلانة، وناهيك حديث الصحيحين لما أمر صلّى الله عليه وسلم بإلقاء قتلى بدر في القليب ثم وقف عليهم وناداهم بأسمائهم، فقال له عمر ما تخاطب من أقوام قد جيفوا؟! فقال له والذي بعثني بالحق ما أنتم بأسمع منهم لما أقول، ولكنهم لا يستطيعون جوابا. وقد كان الأقدمون يتصلون بالعالم غير المنظور بواسطة المنام، ثم توصل العلم أخيرا إلى مخاطبة النفوس بواسطة التنويم المغناطيسي بما يدل على اتصال النفوس بعضها ببعض بعد الوفاة، وأنها حية حياة برزخية لا نعلم كنهها وقد مر أن تكلمنا على أن النفس والروح هل هما شيء واحد أم لا في الآية ٨٦ من سورة الإسراء في ج ١ فراجعها.
[مطلب إخبار الله تعالى عما يقع على المؤمنين وقتل كعب بن الأشرف والاعتبار والتفكر والذكر وفضلهما وصلاة المريض:]
ثم التفت جل شأنه يخاطب المؤمنين بما يصيبهم بعد مما هو أشد مما حل بهم في أحد فقال مقسما وعزتي وجلالي «لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ» فيما بستقبل من الزمان فتنهبون وتسلبون وتهانون «وَأَنْفُسِكُمْ» فتقتلون وتؤسرون وتعذبون «وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ» اليهود والنصارى «وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا» بالله غيره فيدخل فيه الكفرة كافة «أَذىً كَثِيراً» متنوعا قولا وفعلا «وَإِنْ تَصْبِرُوا» على ذلك مع محافظتكم على دينكم «وَتَتَّقُوا» الله فتعملوا بما يأمركم وينهاكم «فَإِنَّ ذلِكَ» الصبر على ذلك الأذى مع المحافظة على التقوى «مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ»(١٨٦) بشير صدر