والله أعلم بما يقول، فلو كانا بمعنى واحد لما أفردهما أي ان الله تعالى جعل لكم ذلك لنتمتعوا به «إِلى حِينٍ» ٨٠ مدة مقدرة من الزمن
«وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ» من الأشجار والزروع والمغر والوديان والكهوف «ظِلالًا» تستظلون بها من الحر والقر والمطر والخوف «وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً» تسكنون بها، إذ جعل فيها مداخل وأسرابا لكم ولأنعامكم وحيوانانكم تتقون بها من الثلج والبرد والهواء الشديد بما يكفي للفقير الذي لا بيت له يلتجأ إليه، أما الغني فعنده الخيام والقساطيط بما يغنيه عن ذلك «وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ» ثيابا وأكسية وقمصانا من القطن والحرير والصوف والوبر لكل بحسبه «تَقِيكُمُ الْحَرَّ» والبرد، واكتفى بذكر أحدهما عن الآخر لدلالته عليه، وإن ما يقي الحر يقي البرد وقدمه بالذكر لأنه الغالب عندهم «وَ» جعل لكم «سَرابِيلَ» أخرى دروعا وجواشن جمع جوشن وهو الصدر في الحديد أو النحاس يلبسه المجاهد على صدره «تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ» هلاككم في الحرب فتمنع وصول قواطع السلاح إلى أجسادكم «كَذلِكَ» مثل ما أتم عليكم نعمة التي بها قواكم «يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ» في أمور دينكم ودنياكم حالا ومستقبلا «لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ» ٨١ لله وتؤمنون به وتخلصون العبادة إليه وتذرون ما أنتم عليه من الشرك والمعاصي «فَإِنْ تَوَلَّوْا» عنك يا سيد الرسل بعد تعداد هذه النعم العظيمة المسبغة عليكم، وقد بلغتهم وأمرتهم ونهيتهم ونصحتهم وقمت بما أمرت به، فلا تبعة عليك «فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ» ٨٢ الظاهر فمن أطاعك فثواب طاعته لنفسه، من عصاك فعقاب عصيانه عليها إذ لم تؤمر بقسرهم بعد. وبعد أن عدد الله تعالى هذه النعم العظيمة وأظهر لخلقه عدم تأثرهم مما ذكرهم به قال «يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ» التي غمرهم بها بأنها منه «ثُمَّ يُنْكِرُونَها» قولا وفعلا لأنهم ينسبون كسبها لفعلهم وفعل آبائهم الذين ورثوها عنهم «وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ» ٨٣ بها فلا يستعجلونها لطلب رضائه ولا يعترفون بها أنها منه إلا من لم يبلغ حد التكليف أو من لم تبلغه الدعوة، أو بلغته ولم يفعلها لنقص في عقله فليس عليه شيء، أما من يعرفها أنها من الله وينكرها عنادا فذلك هو الكافر. وبعد ان ذمتهم الله تعالى