من الزخرف في ج ٢ (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) إلخ، نزلت في هذه الليلة كما سيأتي في تفسيرها إن شاء الله. الثالثة والثلاثون: قال صلّى الله عليه وسلم ثم أخذني العطش فأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر، فأخذت اللبن بتوفيق الله فشربت منه، فقال جبريل أصبت الفطرة، أما انك لو شربت الخمر لغوت أمتك كلها، ولو شربت اللبن كله لما ضل أحد من أمتك بعدك، فقلت يا جبريل ردّ إناء اللبن علي حتى أشربه كله، فقال قضي الأمر وتلا عليه (لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا) الآية ٤٢ من الأنفال في ج ٣، وهذا من شدة حرصه صلّى الله عليه وسلم على صلاح أمته ولكن ما لم يرده الله لا يكون، وإلا كما وفقه للبن الذي مادته ملائمة للعلم والحكمة، لوفقه إلى شربه كله. الرابعة والثلاثون: ثم قال جبريل قم يا محمد، فقمت فإذا بسلّم من ذهب قوائمه من فضة مرصع باللؤلؤ والياقوت، يتلألأ نوره، وإذا أسفله على صخرة بيت المقدس ورأسه في السماء وهو المعراج الذي تبرج عليه أرواح الأنبياء وسائر بني آدم. ذكرنا في الآية ٨٥ من سورة الواقعة المارة أن المحتضر يشخص بصره إلى السماء فتخرج روحه وهو على هذه الحالة، وذلك لأنه يرى هذا المعراج الذي تصعد عليه روحه، فيعجب من حسنه فيتبعه بصره، حتى إن أكثر الأموات تبقى عيونهم مفتوحة وعليهم بسمة، لأن المؤمن تفتح لروحه أبواب السماء والكافر تردّ روحه إلى سجين، فيزداد حسرة وندامة وكآبة، فيزرق وجهه والعياذ بالله.
مطلب الورد الأحمر والأصفر والمواليد الثلاثة والحركة القسرية:
الخامسة والثلاثون: قال صلّى الله عليه وسلم لما عرج بي إلى السماء بكت الأرض من بعدي فنبت الأصفر (أي الزهر الأصفر) فلما رجعت قطر عرقي على الأرض فنبت الورد الأحمر، ألا من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر. رواه أنس مرفوعا قال أبو الفرج النهرواني هذا قليل من كثير مما أكرم الله نبيه، على أن هذا لا يستلزم عدم وجود ورد أصفر وأحمر قبل ذلك، إلا أن هذا من باب الكرامة لحضرته الزكية زيادة على ما كان، ولهذا جرت العادة أن من يشم وردا له رائحة طيبة يصلي على محمد صلّى الله عليه وسلم أخذا من هذا. ونظيره على ما قيل إن حواء عليها السلام لما هبطت إلى الأرض بكت فما وقع من قطرها في البحر صار لؤلؤا، وما وقع