في الأرض صار زهرا. وهذا أيضا لا يستلزم عدم وجود اللؤلؤ والزهر في البحر والبر قبل ذلك. ومنه أن إبراهيم عليه السلام ذرّى كفا من كافور الجنة فما وقع منه درة في الأرض إلا صارت سبخة، وكان الملح موجودا قبل ذلك أيضا، فلا تستكثر أيها القارئ شيئا على حضرة الرسول الذي أكرمه الله بأنواع الكرامات ولا تستعظم شيئا على خلق الأرض والسموات الذي منح الإنسان عقلا أوصله إلى أن يطير في الهواء، وأن يستخدم الأثير فيسمع به صوت الشرق الغرب والجنوب الشمال بلحظة، وإلى اختراع الأشعة التي تخترق القلوب من حجب الأجسام فيكشف ما فيها، والذرة التي نسمع فيها، وكذلك التلفزيون الذي يريك من تسمع صوته من تلك المسافات، ولا ندري ماذا يحدث بعد مما أشار الله تعالى إليه في الآية ٢٣ من سورة يونس في ج ٢، أبعد هذا الذي أعطاه إلى عباده مؤمنهم وكافرهم يستغرب أن يمنح من خلق الكون لأجله ما قرأته وسمعته؟ كلا ثم كلا. السادسة والثلاثون:
لما صعد السلم ومعه جبريل كان جسده تابعا لروحه، وإلا لتعذر عليه العروج.
واعلم أنّ لصورته صلّى الله عليه وسلم صورة ولمعناه معنى، وكل منهما خلاف ما تتصوره الأوهام، لأن السير الملكوتي لا يقاس على السير الملكي، لكن عالم الملكوت مشتمل على ما هو صورة ومعنى، والصورة هناك تابعة للمعنى كحال صاحب الإسراء، وهنا بحث:
اعلم وفقك الله هذاه وأرشدك لما به النجاة، إن المعدن والنبات والحيوان مركبات تسمى المواليد الثلاثة، آباؤها الأجرام الأثيرية التي هى الأفلاك بما فيها من الأجرام النيرة، وأمهاتها العنصريات الأربع التي هي الأرض والماء والهواء والنار، فالأرض ثقيل على الإطلاق والماء ثقيل بالاضافة للهواء والنار وهو محيط بأكثر الأرض. والهواء خفيف مضاف إلى الثقلين بطلب العلو، وهو محيط بكرة الأرض، والماء والنار خفيف على الإطلاق يحيط بكرة الهواء، وان النبي صلّى الله عليه وسلم جاوز هذه العناصر ليلة المعراج بالحركة القسرية، وهي غير منكرة عندنا وعند المحيلين لهذا الإسراء الجسماني، لأنا نأخذ الحجرة وطبعها النزول فنرمي بها في الهواء فتصعد خلافا لطبعها لأنه يقتضي الحركة عند المركز، فصعودها بالهواء عرض بالرمي وهو الحركة القسرية وبطبعها لأنها على طبيعة تقبل الحركة القسرية ولو لم يكن ذلك في طبعه لما انفعل لها ولا