الغدر بعد غيابه عنه وليستعظم ما ذكره في الجملة الأولى فيتهم بالكذب، وكان بطريق عنده فقال أنا أعرف تلك الليلة التي جاء بها نبيّكم، كنت أغلق أبواب المسجد وقد استعصى على الباب الفلاني (الذي دخل منه حضرة الرسول بموكبه المار ذكره آنفا) فاستعنت بعمال فلم يقدروا قالوا إن البناء نزل عليه، فتركناه، فلما أصبحنا رأيت الحجر الذي في زاوية الباب مثقوبا وبه أثر ربط دابة، ولم أجد فيه ما يمنعه من الانغلاق، فعلمت أنه لأجل ما علمته قديما أن نبيا يصعد من بيت المقدس إلى السماء، فقلت لأصحابي هذا ربط البراق بحجر الباب هو الذي منع من الانغلاق، أي بسبب وجود الحبل الذي لم نره لأنه من خوارق العادة، وإلا لرأينا البراق إن لم نر الحبل، وقد تركت هذه آية حسيئة ليطلع عليها، وإلا فإن جبريل لا يمنعه انغلاق الباب ولا غيره اه من روح البيان.
الثلاثون: ورأى صلّى الله عليه وسلم الحور العين باستقباله أيضا، فسلم عليهن فرددن عليه السلام، فقال من أنتن؟ قلن خيرات حسان قوم أبرار نقوا فلم يدنّسوا يدرّنوا، وأقاموا فلم يضعفوا، وخلدوا فلم يموتوا. ثم دخل المسجد ونزلت الملائكة الذين كانوا في استقباله إلى الأرض. الحادية والثلاثون: أحيا الله له آدم فمن دونه من الأنبياء من سمى ومن لم يسم (فى كتابه) فرآهم في صورة مثالية كهيئاتهم الجسدانية، إلا عيسى وإدريس والخضر والياس فإنه رآهم بأجسادهم الحقيقية الدنيوية، لأنهم من زمرة الأحياء، فسلموا عليه جميعهم وهنأوه بما أعطاه الله من الكرامة، وقالوا الحمد لله الذي جعلك خاتم الأنبياء فنعم النبي والأخ أنت، وأمتك خير الأمم. تنبيه: إن الخضر صاحب موسى عليه السلام لم تجمع الكلمة على نبوّته كعزير ولقمان وذي القرنين، ومجيئه هنا مع الأنبياء كون الكلمة مجمعة على حياته. الثانية والثلاثون: قال جبريل إلى محمد صلّى الله عليه وسلم تقدم فصل بإخوانك الأنبياء فصلى بهم ركعتين، وكان خلفه إبراهيم وعن يمينه إسماعيل، وعن يساره إسحق عليهم السلام، قيل كانوا سبعة صفوف ثلاثة من المرسلين وأربعة من الأنبياء، قال في منية المصلى إمامته صلّى الله عليه وسلم ليلة الإسراء لأرواح الأنبياء كانت في النافلة المطلقة التي تكون فيها الصلاة جماعة، كالتراويح وشبهها وهذا هو الحكم الشرعي: فقد جاء في مجمع البيان عن مقاتل أن قوله تعالى في الآية ٤٥