وعميت الأخبار على قريش فهم على وجل وارتقاب من غزوه إياهم؛ فبعثوا أبا سفيان بن حرب يتجسّس الأخبار، وقالوا: إن لقيت محمدا فخذلنا منه أمانا. فخرج أبو سفيان، وحكيم بن حزام، ولقيهما بديل بن ورقاء فصحبهم، فخرجوا تلك الليلة حتى أشرفوا على مرّ، ورقّ قلب العباس فخرج راكبا بغلة النبى ﷺ البيضاء - ليلا - لعله يجد أحدا يخبر أهل مكة بمكان النبى ﷺ؛ ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عنوة، حتى جاء الأراك إذ سمع صوتهم وهم يتراجعون، وأبو سفيان يقول: ما رأيت كالليلة نيرانا قط ولا عسكرا.
ويروى أن أبا سفيان قال لبديل: هذه نيران بنى كعب أهلك. فقال: حاشتها (١) إليك الحروب.
ويروى أن أبا سفيان وحكيما وبديلا أقبلوا يسيرون حتى أتوا مرّ الظهران فإذا هم بنيران كنيران عرفة، فقال أبو سفيان: ما هذه؟ لكأنها نيران عرفة. فقال بديل بن ورقاء: نيران بنى عمرو. قال أبو سفيان: عمرو أقل من ذلك. فسمع العباس صوت أبى سفيان فناداه أبا حنظلة. فقال: لبّيك فما وراءك؟ قال: هذا رسول الله ﷺ فى عشرة آلاف، فأسلم ثكلتك أمّك وعشيرتك. وأجاره/
(١) كذا فى الأصول، ومغازى الواقدى ٨١٤:٢. والمعنى جمعتها وساقتها. (المعجم الوسيط) وفى سيرة النبى لابن هشام ٨٦١:٤، وتاريخ الطبرى ١١٦:٣ والسيرة النبوية لابن كثير ٥٤٧:٣، والسيرة الحلبية ١٦:٣ «حمشتها» وفى الروض الأنف ٩٩:٤، والسيرة الحلبية «وقيل بالسين المهملة: أى اشتدت عليها من الحماسة وهى الشدة». وفى الامتاع ٣٦٨:١ «جاشتها».