وبيانه: أن آية التحريم نزلت في قصة تحريم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شب العسل كما ذكره النووي في شرح مسلم، وهذا هو الصحيح، والتحريم الذي فيها يحتمل أن يكون بيمين نحو: والله لا أشرب العسل. وأن يكون بغير يمين نحو: هذا العسل علي حرام. فلا تصلح دليلا على المسألة أصلا، وعلى فرض أنها نزلت في تحريم مارية القبطية ففيها هذان الاحتمالان فلا تصلح دليلا أيضا، وعلى فرض أنه حرمها بلفظ: أنت علي حرام، فهذا لفظ خوطبت به المملوكة التي لا يتصور في حقها طلاق ولا ظهار، فإن اعتبره الشارع يمينا في المملوكة لم يعتبر يمينا في الزوجة إلا بملاحظة إلغاء الفارق، وحينئذ يقاس اللفظ الذي خوطبت به الزوجة على اللفظة التي خوطبت بها الأمة بجامعه الدلالة على تحريم الوطء في كل، ولا يمكن أن يقال أن النص دل على كون هذه الصيغة يمينا مطلقا سواء أخوطبت به الأمة أم غيرها، وإلا ما اختلفوا في تحريم الزوجة وتحريم المطعومات ونحوها وقولهم: أن الصيغة تدل على حل العصمة أو المظاهرة صراحة باطل يعرف ذلك من له أدنى إلمام باللغة. وقولهم: أنها تدل عليهما بالكناية ليس هو مذهب من جعل الصيغة طلاقا ولا مذهب من جعلها ظهارا فإن كنايات الطلاق والظهار لا يقع بها طلاق ولا ظهار إلا مع النية. والذابون إلى أنها طلاق أو ظهار لم يشترطوا النية، فلا بد لهم من قياس هذا اللفظ على اللفظ الصريح في الطلاق أو الظهار ليقع به الطلاق أو الظهار عند الإطلاق. وقولهم: أن من لم يجعله شيئا استند إلى البراءة الأصلية مسلم ولا يضرنا إذ يكفينا أن باقي الأقوال مستند إلى القياس. ينظر: القياس لشيخنا علي عبد التواب، وينظر: أعلام الموقعين ١/٢٦١، والإحكام ٣/٨٢. ١ أخرجه ابن أبي شيبة ٤/٩٧، كتاب الطلاق: باب من قال: الحرام يمين وليست بطلاق، حديث ١٨٢٠٠. ٢ أخرجه البيهقي ٧/٣٥١، كتاب الخلع والطلاق: باب من قال لامرأته: أنت علي حرام، والدارقطني ٤/٦٦، في كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره، حديث ١٦٣، وابن أبي شيبة ٤/٩٦، كتاب الطلاق: باب من قال: الحرام يمين وليست بطلاق، حديث ١٨١٩١. ٣ ينظر: البيهقي ٧/٣٥١.