الأول: وإليه ذهبت الشافعية ومن لف لفهم من العلماًء، ومنهم سيف الدين الآمدي، والعلامة ابن الحاجب. وذكر الآمدي أن المقيد يطلق باعتبارين: أحدهما: ما دل من الألفاظ على مدلول معين كزيد وهذا الرجل. وثانيهما: ما دل من الألفاظ على وصف مدلوله المطلق بصفة زائدة، وذلك مثل قولنا: دينار أردني، فهو وان كان مطلقاً في جنسه من حيث إنه دينار أردني، إلا أنه في الواقع مقيد بالنسبة إلى مطلق الدينار، فهر مطلق من وجه، مقيد من وجه آخر. وقد عرفه ابن الحاجب بما دل لا على شائع في جنسه، أي أنه يخالف حد المطلق عنده. وقيل: المقيد ما دل على معنى غير شائع في نفسه، وهذا يخالف ما جرى عليه ابن الحاجب، لأنه يعني دلالة المقيد على المعينات، إذ يتناول جميع المعارف، وما دل على شائع في نوعه كالعام، في حين يخرج منه ما دل على شائع في نفسه- كرجل مؤمن- فإنه شائع للمؤمنين من الرجال، ونحو- رقبة مؤمنة- فإن فيه شيوعاً للمؤمنات من الرقبات. وعرف ابن قدامة المقيد في "روضة الناظر": بأنه المتناول لمعين أو لغير معين موصوف بأمر زائد على الحقيقة الشاملة لجنسه، كقوله عز وجل في كفارة القتل خطأ: {فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: ٩٢] حيث قيد الدية بالتسليم والرقبة بالإيمان والصيام بالتتابع. ينظر البحر المحيط للزركشي ٣/٤٣٤، الأحكام في أصول الأحكام للآمدي ٣/٣، سلاسل الذهب للزركشي ص ٢٨٠، زوائد الأصول للأسنوي ص ٢٩٨، غاية الوصول للشيخ زكريا الأنصاري ص٨٢، التحصيل من المحصول للأرموي ١/٤٠٧، المستصفى للغزالي ٢/١٨٥، حاشية البناني ٢/٤٤، الآيات البينات لابن قاسم العبادي ٣/٧٦، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص ٢٦٢، المعتمد لأبي الحسين ١/٢٨٨، تيسير التحرير لأمير بادشاه ١/٣٣٠، ميزان الأصول للسمرقندي ١/٥٦١, حاشية التفتازاني والشريف على مختصر المنتهى ٢/١٥٥، الوجيز للكراماستي ص ١٤، تقريب الوصول لابن جزي ص ٨٣، إرشاد الفحول للشوكاني ص ١٦٤، نشر البنود للشنقيطي١/٢٥٨. وينظر كشف الأسرار ٢/٢٨٦ المدخل "٠ ٢٦" الروضة "١٣٦" الحدود للباجي "٤٨". وتنوعت آراء العلماء في موجب حمل المطلق على المقيد على مذاهب عدة: الأول: مذهب يرى أن موجب العمل هو اللغة مطلقاً. الثاني: وذهب بعض علماء الشافعية إلى أن موجب الحمل هو اللغة فيما أوجبوا الحمل فيه، وهو صورة تعدد الحكم دون الحادثة. الثالث: وذهب المحققون منهم إلى أن موجب الحمل هو القياس الصحيح. الرابع: وذهب بعض الفقهاء إلى أن موجب الحمل هو العقل.