للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّافِلَةَ لُغَةً الزِّيَادَةُ وَظَاهِرُ الْأَمْرِ بِالتَّهَجُّدِ الْوُجُوبُ.

قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَإِنْ قِيلَ النَّافِلَةُ هِيَ السُّنَّةُ قُلْنَا بَلْ النَّافِلَةُ هُنَا هِيَ الزِّيَادَةُ وَقَدْ قِيلَ مَا يَزِيدُهُ الْعَبْدُ مِنْ تَطَوُّعَاتِهِ يُجْبِرُ بِهِ نُقْصَانَ مَفْرُوضَاتِهِ وَصَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْصُومَةٌ فَكَانَ تَهَجُّدُهُ زَائِدًا عَلَى مَفْرُوضَاتِهِ وَهَكَذَا قَالَ الْبَغَوِيّ فِي تَفْسِيرِهِ نَحْوَهُ لَكِنْ يَتَعَقَّبُ ذَلِكَ بِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ الرَّوَاتِبَ الَّتِي وَاظَبَ عَلَيْهَا كَانَتْ وَاجِبَةً فِي حَقِّهِ وَلَا قَائِلَ بِذَلِكَ وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي زِيَادَاتِهِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ نُسِخَ وُجُوبُهُ فِي حَقِّهِ كَمَا نُسِخَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ انْتَهَى وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ فَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّنْعَانِيِّ١، عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ مِثْلَهُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ إنَّ مُوسَى تَفَرَّدَ بِهِ وَأَشَارَ النَّوَوِيُّ إلَى مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي قِصَّةِ قِيَامِ اللَّيْلِ فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ فَرْضِهِ وَفِي سِيَاقِهِ أَيْضًا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ حِينَ وَجَبَ لَمْ يَكُنْ مِنْ خَصَائِصِهِ.

وَاسْتَدَلَّ غَيْرُهُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ أَيْضًا بِحَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي مُسْلِمٍ فِي صِفَةِ الْحَجِّ فَفِيهِ ثُمَّ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وإقامتين ولم يسبح بيهما شَيْئًا ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلَّى حِينَ تَيَسَّرَ لَهُ الصُّبْحَ٢، وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ تَرْكُ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْعِشَاءِ لِلْبَائِتِ بِمُزْدَلِفَةَ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِأَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فِي اللَّيْلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ وَيُصَلِّيهِ فِي الْحَضَرِ جَالِسًا وَقَدْ اسْتَدَلَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقِيلَ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي حَالِ الْحَضَرِ وَفِي حَالِ عَدَمِ الْمَشَقَّةِ وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ خَاصٍّ وَإِنْ كَانَ الْحَلِيمِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْغَزَالِيُّ قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْوِتْرَ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي الْحَضَرِ دُونَ السَّفَرِ وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ فِعْلَ هَذَا الْوَاجِبِ مِنْ الْوِتْرِ وَالتَّهَجُّدِ عَلَى الرَّاحِلَةِ.


=وذكره في مجمع الزوائد ٦/١٥٥، ١٥٦، برقم ٣٥٢٥، من طريق عبد الغني بن سعيد الثقفي عن موسى بن عبد الرحمن الصنعاني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.
١ تقدم تخريج الحديث قريبا.
وموسى بن عبد الرحمن الصنعاني، قال الذهبي في المنزان: معروف ليس بثقة.
وقال ابن حبان فيه: دجال، وضع على ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس كتاب التفسير.
وقال ابن عدي: منكر الحديث.
وقال عن بعض مروياته: هذه الأحاديث بواطيل.
ينظر: ميزان الاعتدال ٦/٥٤٩- بتحقيقنا، ترجمة ٨٨٩٨، المغني ٢/٦٨٤، الكشف الحثيث ٧٩٣.
٢ تقدم في كتاب الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>