للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٨ - قال : ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥)[البقرة: ٢٦٥].

وهذا مثل الذي مصدر نفقته على الإخلاص والصدق، فإن ابتغاءَ مرضاته هو غاية الإخلاص، والتثبيت من النفس هو الصدق في البذل، فإن المنفق تعترضه عند إنفاقه آفتان إن نجا منهما كان مثله ما ذكر في هذه الآية:

* إحداهما: طلبه بنفقته محمدة أو ثناءً أو غرضًا من أغراضه الدنيوية، وهذا حال أكثر المنفقين.

* والآفة الثانية: ضعف نفسه بالبذل وتقاعسها وترددها، هل تفعل أم لا؟

فالآفة الأولى تزول بابتغاءِ مرضاة الله، والآفة الثانية تزول بالتثبيت، فإن تثبيت النفس تشجيعها وتقويتها والإقدام بها على البذل، وهذا هو صدقها. وطلب مرضاة الله إرادة وجهه وحده، وهذا إخلاصها.

فإذا كان مصدر الإنفاق عن ذلك كان مثله كجنة وهي: البستان الكثير الأشجار، فهو مجتنّ بها، أي: مستتر ليس قاعًا فارغًا.

والجنة بربوة - وهو المكان المرتفع- لأنها أكمل من الجنة المستفلة التي بالوهاد والحضيض؛ لأنها إذا ارتفعت كانت بمدرجة الأهوية والرياح، وكانت ضاحية للشمس وقت طلوعها واستوائها وغروبها، فكانت أنضج ثمرًا وأطيبه وأحسنه وأكثره.

فإن الثمار تزداد طيبًا وزكاءً بالرياح والشمس، بخلاف الثمار التي تنشأُ في الظلال.

<<  <   >  >>